ثم قال (أَ فَرَأَيتَ مَنِ اتَّخَذَ) يا محمّد (إِلهَهُ هَواهُ) و انما سمي الهوي إلهاً من حيث أن العاصي يتبع هواه و يرتكب ما يدعوه اليه و لم يريد انه يعبد هواه أو يعتقد أنه يحق له العبادة، لأن ذلک لا يعتقده احد. قال الحسن: معناه اتخذ إلهه بهواه، لأن اللّه يحب أن يعرف بحجة العقل لا بالهوي. و قال سعيد بن جبير كانوا يعبدون العزي و هو حجر أبيض حيناً من الدهر، فإذا وجدوا ما هو أحسن منه طرحوا الأول و عبدوا الآخر. و قال إبن عباس: معناه أ فرأيت من اتخذ دينه ما يهواه لأنه يتخذه بغير هدي من اللّه و لا برهان. و قوله (وَ أَضَلَّهُ اللّهُ عَلي عِلمٍ) معناه حكم اللّه بضلاله عالماً بعدوله عن الحق. و يحتمل ان يکون المعني يعدل اللّه به عن طريق الجنة إلي طريق النار جزاء علي فعله، عالماً بأنه يستحق ذلک (وَ خَتَمَ عَلي سَمعِهِ وَ قَلبِهِ) و قد فسرناه في ما مضي. و معناه أنه يجعل عليهما علامة تدل علي كفره و ضلاله و استحقاقه للعقاب، لا أنه يفعل فيهما ما يمنع من فعل الايمان و الطاعات (وَ جَعَلَ عَلي بَصَرِهِ غِشاوَةً) شبهه بمن کان علي عينه غشاوة تمنعه من الأبصار، لان الكافر إذا کان لا ينتفع بما يراه و لا يعتبر به، فكأنه لم يره، ثم قال (فمن يهديه) إلي طريق الجنة او من يحكم بهدايته (من بعد اللّه) إن حكم اللّه بخلافه (أ فلا تذكرون) أي أ فلا تتفكرون فتعلمون ان الأمر علي ما قلناه.
ثم حكي تعالي عن الكفار أنهم (قالُوا ما هِيَ إِلّا حَياتُنَا الدُّنيا) أي ليس الحياة إلا هذه الحياة الّتي نحن فيها في دار الدنيا (نَمُوتُ وَ نَحيا) و قيل في
نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 9 صفحه : 259