الموت جاز أن يقال لا يذوقون الموت في المستقبل إلا الموتة الأولي يخرجون بها من دار التكليف، و هذا ضعيف، لان في ذلک خبر عن حكمهم في الجنة و أنهم لا يذوقون فيها الموت ثم استثني من ذلک الموتة الأولي، و كيف يرد إلي دار الدنيا!؟ و حقيقة (إلا) إخراج بعض عن کل و حقيقة (بعد) إخراج الثاني عن الوقت الاول.
و قوله «وَ وَقاهُم عَذابَ الجَحِيمِ» أي يصرف عنهم عذاب النار، و ليس في ذلک ما يدل علي أن الفاسق الملي لا يعذب و يخرج من النار، من حيث أنه لا يکون قد وقي النار، لأنه يحتمل أمرين:
أحدهما- ان يکون ذلک مخصوصاً بمن لا يدخل النار ممن لا يستحقه او بمن عفي عنه.
و الثاني- ان يکون المراد «وَ وَقاهُم عَذابَ الجَحِيمِ» علي وجه التأبيد او علي الوجه ألذي يعذب عليه الكفار.
ثم بين أن ذلک فضل من اللّه، و نصبه علي المصدر، و تقديره فضل فضلا منه تعالي. و اخبر بأن «ذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظِيمُ» يعني الفلاح العظيم.
ثم قال لنبيه صَلي اللّهُ عَليه و آله «فَإِنَّما يَسَّرناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُم يَتَذَكَّرُونَ» يعني باللغة العربية ليفقهوه و يتفكروا فيه، فيعلموا ان الامر علي ما قلناه. ثم أمره صَلي اللّهُ عَليه و آله فقال «فَارتَقِب» أي انتظر يا محمّد مجيء ما وعدتك به «إِنَّهُم مُنتَظِرُونَ» ايضاً و هو قول قتادة، و إنما قال فيهم «إِنَّهُم مُنتَظِرُونَ» لأنهم في مثل حال المنتظر في انه سيأتيه عاقبة حاله کما يأتي المنتظر.