و نعرضهم‌ الثواب‌ و تنفع‌ سائر الحيوان‌ بالمنافع‌ ‌لهم‌ ‌فيها‌ و اللذات‌. و ‌في‌ ‌الآية‌ دلالة ‌علي‌ ‌من‌ أنكر البعث‌، لأنه‌ ‌لو‌ ‌کان‌ ‌علي‌ ‌ما توهموه‌ انه‌ ‌لا‌ يجر ‌به‌ ‌الي‌ الجزاء ‌في‌ دار أخري‌ ‌مع‌ ‌ما ‌فيه‌ ‌من‌ الألم‌ لكان‌ لعباً، لأنه‌ ابتدأ باختيار ألم‌ ‌لا‌ يجر ‌به‌ ‌الي‌ عوض‌.

‌ثم‌ ‌قال‌ ‌تعالي‌ «ما خَلَقناهُما» يعني‌ السموات‌ و ‌الإرض‌ «إِلّا بِالحَق‌ِّ» ‌قال‌ الحسن‌ معناه‌ الا للحق‌ ‌ألذي‌ يصل‌ اليه‌ ‌في‌ دار الجزاء. و ‌قيل‌ ‌فيه‌ قولان‌ آخران‌:

أحدهما‌-‌ ‌ما خلقناهما الا بداعي‌ العلم‌ ‌الي‌ خلقهما، و العلم‌ ‌لا‌ يدعو الا ‌الي‌ الصواب‌.

الثاني‌-‌ و ‌ما خلقناهما الا ‌علي‌ الحق‌ ‌ألذي‌ يستحق‌ ‌به‌ الحمد خلاف‌ الباطل‌ ‌ألذي‌ يستحق‌ ‌به‌ الذم‌.

‌ثم‌ ‌قال‌ «وَ لكِن‌َّ أَكثَرَهُم‌ لا يَعلَمُون‌َ» بصحة ‌ما قلناه‌ لعدو ‌لهم‌ ‌عن‌ النظر ‌فيه‌، و الاستدلال‌ ‌علي‌ صحته‌. و ‌في‌ ‌ذلک‌ دلالة ‌علي‌ بطلان‌ قول‌ ‌من‌ ‌قال‌: المعارف‌ ضرورية، لأنها ‌لو‌ كانت‌ ‌لما‌ نفي‌ ‌تعالي‌ علمهم‌ بذلك‌.

‌ثم‌ ‌قال‌ ‌تعالي‌ «إِن‌َّ يَوم‌َ الفَصل‌ِ مِيقاتُهُم‌ أَجمَعِين‌َ» يعني‌ اليوم‌ ‌ألذي‌ يفصل‌ ‌فيه‌ ‌بين‌ المحق‌ و المبطل‌ ‌بما‌ يضطر ‌کل‌ واحد منهما ‌الي‌ حاله‌ ‌من‌ حقه‌ ‌او‌ باطله‌ فيشفي‌ صدور المؤمنين‌ و يقطع‌ قلوب‌ الكافرين‌ ‌بما‌ يرون‌ ‌من‌ ظهور الامر و انكشافه‌، و ‌هو‌ يوم القيامة، و ‌بين‌ انه‌ ميقات‌ الخلق‌ أجمعين‌ و ‌هو‌ ‌من‌ ‌له‌ ثواب‌ و عوض‌ ‌او‌ ‌عليه‌ عقاب‌ يوصله‌ اليه‌.

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ الدخان‌ (44): الآيات‌ 41 ‌الي‌ 50]

يَوم‌َ لا يُغنِي‌ مَولًي‌ عَن‌ مَولًي‌ شَيئاً وَ لا هُم‌ يُنصَرُون‌َ (41) إِلاّ مَن‌ رَحِم‌َ اللّه‌ُ إِنَّه‌ُ هُوَ العَزِيزُ الرَّحِيم‌ُ (42) إِن‌َّ شَجَرَةَ الزَّقُّوم‌ِ (43) طَعام‌ُ الأَثِيم‌ِ (44) كَالمُهل‌ِ يَغلِي‌ فِي‌ البُطُون‌ِ (45)

كَغَلي‌ِ الحَمِيم‌ِ (46) خُذُوه‌ُ فَاعتِلُوه‌ُ إِلي‌ سَواءِ الجَحِيم‌ِ (47) ثُم‌َّ صُبُّوا فَوق‌َ رَأسِه‌ِ مِن‌ عَذاب‌ِ الحَمِيم‌ِ (48) ذُق‌ إِنَّك‌َ أَنت‌َ العَزِيزُ الكَرِيم‌ُ (49) إِن‌َّ هذا ما كُنتُم‌ بِه‌ِ تَمتَرُون‌َ (50)