وافقه الداجوني و حفص في المطففين.
حكي اللّه تعالي أن موسي حين يئس من قومه ان يؤمنوا به (دعا) اللّه (ربه) فقال (أَنَّ هؤُلاءِ قَومٌ مُجرِمُونَ) و قيل إنه دعا بما يقتضيه سوء أفعالهم و قبح إجرامهم و سوء معاملتهم له، فكأنه قال: اللهم عجل لهم بما يستحقونه باجرامهم و معاصيهم بما به يكونون نكالا لمن بعدهم، و ما دعا بهذا الدعاء إلا بعد إذن اللّه له في الدعاء عليهم.
و قوله (فَأَسرِ بِعِبادِي) الفاء وقعت موقع الجواب، و تقديره فدعا فأجيب بأن قيل له (فأسر بعبادي) فهي عطف وقع موقع جواب الدعاء. و أمره اللّه تعالي بأن يسير بأهله و المؤمنين به لئلا يروهم إذا خرجوا نهاراً، و اعلمه (إنكم متبعون) أنه سيتبعهم فرعون و قومه و يخرجون خلفهم، و أمره بأن (يترك البحر رهواً) أي ساكناً علي ما هو به من كثرته إذا قطعه، و لا يرده إلي ما کان و يقال: عيش راه إذا کان خفضاً و ادعاً. و قال قوم: معناه اترك البحر يبساً.
و قيل: طريقاً يابساً. و قال إبن الاعرابي: معناه واسعاً ما بين الطاقات. و قال خالد إبن خيبري: معناه رمثاً أي سهلا ليس برمل و لا حزن. ذكره الأزهري يقال:
جاءت الخيل رهواً أي متتابعة. و قال إبن الاعرابي الرهو من الخيل و الطير السراع. و قال العكلي: المرهي من الخيل ألذي تراه كأنه لا يسرع، و إذا طلب لا يدرك، و يقال: أعطاه سهواً رهواً أي كثيراً لا يحصي. و إنما قيل ذلک، لأنه کان أمره أولا ان يضرب البحر بعصاه ليفلق فيه طرقاً لقومه ثم أمره بأن يتركه علي الحالة الأولي ليغرق فيه فرعون و جنده، قال الشاعر:
طيراً رأت بازياً نضح الدماء به و أمة أخرجت رهواً إلي عيد[1]
أي سكوناً علي كثرتهم.