لان لفظه يدل علي القليل و الكثير. و من جمع فلانه ذكر جماعة.
يقول اللّه تعالي مخاطباً لنبيه (و اذكر) يا محمّد (عِبادَنا إِبراهِيمَ وَ إِسحاقَ وَ يَعقُوبَ) فمن قرأ بالجمع فلأنه ذكر جماعة. و من قرأ بالتوحيد فلان لفظة (عبد) لفظ جنس يقع علي القليل و الكثير، ثم وصفهم فقال (اولي الايدي) يعني اولي القوة علي العبادة (و الأبصار) الفقه في الدين- في قول إبن عباس و مجاهد و قتادة- و قيل: (اولي الايدي) معناه اولي الاعمال الصالحة، و قيل معناه اولي النعم في الدين، قال الشاعر:
فاعمل لما يعلو فما لك بال ذي لا تستطيع من الأمور تدان
ثم اخبر تعالي عن حال هؤلاء الّذين وصفهم، فقال (إِنّا أَخلَصناهُم) فالاخلاص إخراج کل شائب من الشيء ليس من شكله، فهؤلاء الأبرار قد أخلصهم اللّه لنعيم الجنان بلطفه في ما لازموه من الإحسان، و قوله (بِخالِصَةٍ ذِكرَي الدّارِ) معناه إنا أخلصنا ابراهيم و إسحاق و يعقوب بخلة خلصت لهم. ثم قال (ذكري الدار) بدلا من (خالصة) اي يذكرون بدار الآخرة و يزهدون في الدنيا، و يجوز ان يکون المعني إنهم يكثرون ذكر الآخرة و الرجوع إلي اللّه، و معني (أخلصناهم) اصفيناهم، قال الطبري: معناه أخلصناهم بأفضل ما في الآخرة، هذا علي قول من أضاف، و هو قول إبن زيد. و من نون فالمعني الخالصة الّتي أخلصناهم بها هي ذكري الدار للعمل لها فناهيك بها من خالصة أدت اليها و هي الجنة.
ثم قال (وَ إِنَّهُم عِندَنا لَمِنَ المُصطَفَينَ الأَخيارِ) و الاصطفاء إخراج الصفوة من کل شيء فهم صفوة و غيرهم كدر، فاللّه تعالي اصطفي هؤلاء الأنبياء بأن اختارهم لنبوته بحسب ما سبق في علمه انه يکون منهم من القيام بأعباء