و منه قوله «وَ كَفَّلَها زَكَرِيّا»[1] و قال ابو عبيدة معناه ضمها اليها، و قال إبن عباس و إبن مسعود معني أكفلنيها انزل لي عنها «وَ عَزَّنِي فِي الخِطابِ» أي غلبني في المخاطبة من قولهم: من عز بزّ أي من غلب سلب. و قال إبن زيد: معناه قهرني. و قال ابو عبيدة: معناه صار أعزمني، فقال له داود «لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلي نعاجه. و إن كثيراً من الخلطاء ليبغي بعضهم علي بعض» و معناه إن کان الامر علي ما تدعيه لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلي نعاجه، فأضاف السؤال إلي المفعول به و هي النعجة و إن أضيف اليها.
ثم اخبر ان كثيراً من الشركاء و الخلطاء ليبغي بعضهم علي بعض فيظلمه.
و قال أصحابنا: کان موضع الخطيئة أنه قال للخصم لقد ظلمك من غير ان يسأل خصمه عن دعواه و في آداب القضاء ألا يحكم بشيء و لا يقول حتي يسأل خصمه عن دعوي خصمه، فما أجاب به حكم به. و هذا ترك الندب في ذلک، و في ذلک قول آخر، و هو إن في النّاس من قال: إن ذلک کان صغيرة منه وقعت مكفرة، و الشرط ألذي ذكرناه لا بد فيه، لأنه لا يجوز ان يخبر النبي ان الخصم ظلم صاحبه قبل العلم بذلك علي وجه القطع، و إنما يجوز مع تقرير الشرط ألذي ذكرناه. ثم استثني من جملة الخلطاء الّذين بعضهم يبغي علي بعض الّذين آمنوا باللّه و عملوا بما يوجب عليهم، فإنهم لا يفعلون ذلک. ثم قال و قليل الّذين كذلك،
فروي أن الملكين غابا من بين يديه فظن عند ذلک أن اللّه اختبره بهذه الحكومة و ابتلاه.
و قرئ (فتناه) بالتخفيف بمعني أن الملكين فتناه بها. و قال قوم الظن العلم كأنه قال: و علم داود ذلک