دلالته‌ ‌علي‌ قدرته‌ و غناء ‌من‌ خلقه‌ و صفاته‌ ‌الّتي‌ ‌لا‌ يشاركه‌ ‌فيها‌ غيره‌، و الاشراق‌ وقت‌ طلوع‌ الشمس‌ يقال‌: شرقت‌ الشمس‌ ‌إذا‌ طلعت‌ و أشرقت‌ ‌إذا‌ أضاءت‌ «وَ الطَّيرَ مَحشُورَةً» و تقديره‌ و سخرنا الطير محشورة ‌ أي ‌ مجموعة ‌من‌ ‌کل‌ ناحية اليه‌ يعني‌ الطير و الجبال‌ «لَه‌ُ أَوّاب‌ٌ» ‌ أي ‌ رجاع‌ ‌إلي‌ ‌ما يريد. و ‌قيل‌: مسخرة‌-‌ ذكره‌ قتادة‌-‌ و ‌قال‌ الجبائي‌ ‌لا‌ يمتنع‌ ‌أن‌ ‌يکون‌ اللّه‌ خلق‌ ‌في‌ الطيور ‌من‌ المعارف‌ ‌ما تفهم‌ ‌به‌ مراده‌ و أمره‌ ‌من‌ نهيه‌ فتطيعه‌ ‌في‌ ‌ما يريده‌ منها. و ‌إن‌ ‌لم‌ تكن‌ كاملة العقل‌، و ‌لا‌ مكلفة.

‌ثم‌ ‌قال‌ «وَ شَدَدنا مُلكَه‌ُ» يعني‌ قوينا ملكه‌ بالجنود و الهيبة «وَ آتَيناه‌ُ الحِكمَةَ» ‌ أي ‌ علمناه‌ الحكمة «وَ فَصل‌َ الخِطاب‌ِ» و مثله‌ قول‌ البينة ‌علي‌ المدعي‌ و اليمين‌ ‌علي‌ المدعي‌ ‌عليه‌ ‌ أي ‌ إصابة الحكم‌ بالحق‌. و ‌قال‌ البلخي‌: يجوز ‌أن‌ ‌يکون‌ المراد بتسبيح‌ الجبال‌ معه‌ ‌هو‌ ‌ما أعطي‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ داود ‌من‌ حسن‌ الصوت‌ بقراءة الزبور، فكان‌ ‌إذا‌ قرأ الزبور ‌أو‌ ذكر ‌ما ‌هو‌ تسبيح‌ للّه‌ و رفع‌ صوته‌ ‌بين‌ الجبال‌ ردّ الجبال‌ ‌عليه‌ مثله‌ ‌کما‌ يرد الصدي‌، فسمي‌ اللّه‌ ‌ذلک‌ تسبيحاً ‌لما‌ تضمنه‌ ‌من‌ الدلالة و الأول‌ أحسن‌.

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ ص‌ (38): الآيات‌ 21 ‌الي‌ 25]

وَ هَل‌ أَتاك‌َ نَبَأُ الخَصم‌ِ إِذ تَسَوَّرُوا المِحراب‌َ (21) إِذ دَخَلُوا عَلي‌ داوُدَ فَفَزِع‌َ مِنهُم‌ قالُوا لا تَخَف‌ خَصمان‌ِ بَغي‌ بَعضُنا عَلي‌ بَعض‌ٍ فَاحكُم‌ بَينَنا بِالحَق‌ِّ وَ لا تُشطِط وَ اهدِنا إِلي‌ سَواءِ الصِّراطِ (22) إِن‌َّ هذا أَخِي‌ لَه‌ُ تِسع‌ٌ وَ تِسعُون‌َ نَعجَةً وَ لِي‌َ نَعجَةٌ واحِدَةٌ فَقال‌َ أَكفِلنِيها وَ عَزَّنِي‌ فِي‌ الخِطاب‌ِ (23) قال‌َ لَقَد ظَلَمَك‌َ بِسُؤال‌ِ نَعجَتِك‌َ إِلي‌ نِعاجِه‌ِ وَ إِن‌َّ كَثِيراً مِن‌َ الخُلَطاءِ لَيَبغِي‌ بَعضُهُم‌ عَلي‌ بَعض‌ٍ إِلاَّ الَّذِين‌َ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحات‌ِ وَ قَلِيل‌ٌ ما هُم‌ وَ ظَن‌َّ داوُدُ أَنَّما فَتَنّاه‌ُ فَاستَغفَرَ رَبَّه‌ُ وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَناب‌َ (24) فَغَفَرنا لَه‌ُ ذلِك‌َ وَ إِن‌َّ لَه‌ُ عِندَنا لَزُلفي‌ وَ حُسن‌َ مَآب‌ٍ (25)