الشيء مكان غيره لدفع الضرر عنه، و منه فداء المسلمين بالمشركين لدفع ضرر الأشد عنهم، فكذلك فداء اللّه ولد إبراهيم بالكبش لدفع ضرر الذبح عنه.
و العظيم هو الكبير. و قيل: لان الكبش ألذي فدي به يصغر مقدار غيره من الكباش عنه بالاضافة اليه. و قال إبن عباس: فدي بكبش من الغنم. و هو قول مجاهد و الضحاك و سعيد بن جبير. و قال الحسن: فدي بوعل أهبط به عليه جبرائيل. و قيل: إنه لا خلاف انه لم يكن من الماشية الّتي كانت لإبراهيم او غيره في الدنيا. و قيل: إنه رعي في الجنة أربعين خريفاً. و قال مجاهد:
وصفه بأنه عظيم، لأنه متقبل. و الذبح بكسر الذال المهيأ، لان يذبح. و بفتح الذال المصدر.
و قوله (وَ تَرَكنا عَلَيهِ فِي الآخِرِينَ) يعني علي إبراهيم في الآخرين يعني أثبتنا عليه الثناء الحسن في أمة محمّد لأنهم آخر الأمم بأن قلنا (سَلامٌ عَلي إِبراهِيمَ) و قد بينا ما في ذلک ثم قال مثل ذلک نجزي کل محسن، فاعل لما أمر اللّه به کما جازينا ابراهيم صلي اللّه عليه و آله.
ثم أخبر تعالي ان إبراهيم کان من جملة عباده الّذين يصدقون بتوحيد الله و بجميع ما أوجبه عليهم، و من جملة المصدقين بوعد الله و وعيده و البعث و النشور و الجنة و النار. و انما قال (إِنَّهُ مِن عِبادِنَا المُؤمِنِينَ) مع انه أفضل المؤمنين ترغيباً في الايمان بأن مدح مثله في جلالته بأنه من المؤمنين، کما يقال هو من الكرماء و كذلك قوله (وَ نَبِيًّا مِنَ الصّالِحِينَ)[1] و إذا مدح بأنه يصلح وحده فلأنه لا يقوم غيره مقامه و يستغني به عنه.