الكفار غلطوا في هذه الإنكار و توهموا أن من يقول في جواب ذلک نعم يأتي بقبيح من القول، و قوله «أَ إِنّا لَمَدِينُونَ» معناه لمجزيّون مشتق من قولهم: کما تدين تدان.
أي کما تجزي تجزي، و الدين الجزاء، و الدين الحساب، و منه الدين، لأن جزاءه القضاء، و قال إبن عباس: القرين ألذي کان له شريكاً من النّاس.
و قال مجاهد: کان شيطاناً.
ثم حكي انه يقال لهذا القائل علي وجه العرض عليه «هَل أَنتُم مُطَّلِعُونَ» أي يؤمرون أن يروا مكان هذا القرين في النار، فيقول: نعم، فيقال له: اطلع في النار، فيطلع في الجحيم فيراه في سوائه أي وسطه- في قول إبن عباس و الحسن و قتادة- و إنما قيل للوسط: سواء لاستوائه في مكانه بأن صار بدلا منه، و قد كثر حتي صار بمعني غير، و روي حسين عن أبي عمرو «مطلعوني فاطلع» بكسر النون و قطع الألف، و هو شاذ، لان الاسم إذا أضيف حذفت منه النون، كقولك: مطلعي، و إنما يجوز في الفعل علي حذف احدي النونين، و قد انشد الفراء علي شذوذه قول الشاعر:
و ما أدري و ظني کل ظن أسلمني إلي قوم شراح[1]
يريد شراحل، و أنشده المبرد (أ أسلمني) و انشد الزجاج:
هم القائلون الخير و الأمر دونه إذا ما خشوا من محدث الأمر معظما[2]
و قيل: ان لأهل الجنة في توبيخ أهل النار لذة و سروراً. و قال الحسن:
الجنة في السماء و النار في الإرض، فلذلك صح منهم، الاطلاع.
ثم حكي تعالي ما يقوله المؤمن إذا اطلع عليه و رآه في وسط الجحيم