يقول لهم «احشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا» أنفسهم بارتكاب المعاصي بمعني اجمعوهم من کل جهة، فالكفار يحشرون من قبورهم إلي أرض الموقف للجزاء و الحساب، ثم يساق الظالمون مع ما كانوا يعبدون من الأوثان و الطواغيت إلي النار و كذلك أزواجهم الّذين كانوا علي مثل حالهم من الكفر و الضلال و قال إبن عباس و مجاهد و إبن زيد: معني «و أزواجهم» أشباههم، و هو من قوله «وَ كُنتُم أَزواجاً ثَلاثَةً»[1] أي اشكالا و أشباها. و قال قتادة:
معناه و أشياعهم من الكفار. و قيل: من الاتباع. و قال الحسن: يعني «و أزواجهم» المشركات. و قيل: اتباعهم علي الكفر من نسائهم.
و قوله «فَاهدُوهُم إِلي صِراطِ الجَحِيمِ» إنما عبر عن ذلک بالهداية من حيث کان بدلا من الهداية إلي الجنة، کما قال «فَبَشِّرهُم بِعَذابٍ أَلِيمٍ»[2] لهذه العلة من حيث ان البشارة بالعذاب الأليم وقعت لهم بدلا من البشارة بالنعيم، يقال: هديته الطريق أي دللته عليها و أهديت الهدية.
ثم حكي اللّه تعالي ما يقوله للملائكة الموكلين بهم فانه يقول لهم «وقفوهم» أي قفوا هؤلاء الكفار أي احبسوهم «إِنَّهُم مَسؤُلُونَ» عما كلفهم اللّه في الدنيا من عمل الطاعات و اجتناب المعاصي هل فعلوا ما أمروا به أم لا! علي وجه التقرير لهم و التبكيت دون الاستعلام، يقال: وقفت انا و وقفت الدابة بغير الف. و بعض بني تميم يقولون: أوقفت الدابة و الدار. و زعم الكسائي انه سمع ما أوقفك هاهنا، و انشد الفراء:
تري النّاس ما سرنا يسيرون خلفنا و إن نحن اومأنا إلي النّاس أوقفوا
بالف. و يقال لهم ايضاً علي وجه التبكيت «ما لَكُم» معاشر الكفار