لهم (فَأَنّي يُبصِرُونَ) و قيل: معناه فاستبقوا الطريق إلي منازلهم فلم يهتدوا اليها. و قال إبن عباس: معناه طلبوا طريق الحق و قد عموا عنها.
و الطمس علي العين إذهاب الشق ألذي بين الجفنتين، کما تطمس الريح الأثر يقال أعمي مطموس، و طمس أي عمي (فاستبقوا) معناه فابتدروا، و هذا بيان من اللّه أنهم في قبضته، و هو قادر علي ما يريد بهم، فليحذروا تنكيله بهم. ثم قال زيادة في التحذير و الإرهاب (وَ لَو نَشاءُ لَمَسَخناهُم عَلي مَكانَتِهِم) و المسخ قلب الصورة إلي خلقة مشوهة کما مسخ قوماً قردة و خنازير، و المسخ نهاية التنكيل. و قال الحسن و قتادة: معناه لمسخناهم علي مقعدهم علي أرجلهم و المكانة و المكان واحد، و لو فعلنا بهم ذلک (فَمَا استَطاعُوا مُضِيًّا) أي لما قدروا أن يذهبوا أصلا و لا أن يجيئوا ثم قال (وَ مَن نُعَمِّرهُ نُنَكِّسهُ فِي الخَلقِ) معناه إن من طولنا عمره نصيره بعد القوة إلي الضعف و بعد زيادة الجسم إلي النقصان و بعد الجدة و الطراوة إلي البلي و الخلاقة. و قيل معناه: نصيره و نرده إلي حال الهرم الّتي تشبه حال الصبي و غروب العلم و ضعف القوي ذكره قتادة.
و قوله (ا فلا تعقلون) يعني ما ذكرناه بأن تفكروا فيه فتعرفوا صحة ما قلناه.
ثم اخبر تعالي عن نبيه صلي اللّه عليه و آله فقال (وَ ما عَلَّمناهُ الشِّعرَ وَ ما يَنبَغِي لَهُ) و معناه ما علمناه الشعر لأنا لو علمناه ذلک لدخلت به الشبهة علي قوم في ما اتي به من القرآن و أنه قدر علي ذلک لما في طبعه من الفطنة للشعر. و قيل:
لما لم يعط اللّه نبيه العلم بالشعر و إنشائه لم يكن قد علمه الشعر، لأنه ألذي