ثم أخبر تعالي أنه لما قضي علي سليمان الموت و قدره عليه و قبضه اليه لم يعلموا بذلك من حاله حتي دلهم علي موته دابة الإرض و هي الأرضة، فأكلت عصاه فانكسرت، فوقع لأنه
روي أنه قبض و هو في الصلاة،
و کان قال للجن اعملوا ما دمتم تروني قائماً، و اتكأ علي عصاه من قيام، و قبضه اللّه اليه و بقي مدة فيجيء الجن فيطالعونه فيرونه قائماً فيعودون فيعملون الي أن دبت الأرضة فأكلت عصاه فوقع و خر، فعلموا حينئذ موته و تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون ما غاب عنهم من موت سليمان لم يلبثوا في العذاب ألذي أهانهم و أذلهم و المنسأة العصا الكبيرة الّتي يسوق بها الراعي غنمه قال أبو عبيدة: معني «تَبَيَّنَتِ الجِنُّ» أي أبانت الجن للناس «أَن لَو كانُوا يَعلَمُونَ الغَيبَ ما لَبِثُوا فِي العَذابِ المُهِينِ» و المنسأة أصلها الهمزة من نسأت الي سقت، و قد يترك الهمز، قال الشاعر:
إذا دببت علي المنسأة من هرم فقد تباعد عنك اللهو و الغزل[1]
إلا أنه يترك همزها، کما يترك في (البرية) و هي من برأت، و قيل: إنه کان متوكئاً علي عصاه سنة لا يدرك أنه مات. و قيل: المعني «فَلَمّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ» جماعة من عوام «الجن» أغواهم مردتهم أن المتمردين «لَو كانُوا يَعلَمُونَ الغَيبَ» لأنهم كانوا يقولون لهم نحن نعلم الغيب، و في قراءة أهل البيت «فلما خر تبينت الانس أن لو کان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين» قالوا: لان الجن كانت تعلم أنها لا تعلم الغيب قبل ذلک. و إنما تبينت الانس ذلک من حال الجن.
ثم اخبر تعالي فقال «لَقَد كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسكَنِهِم آيَةٌ» أي دلالة و علامة