أي منزله يقرب من منزله، و منه قيل ليلة المزدلفة. و قال ابو عبيدة:
معني أزلفنا جمعنا، و ليلة مزدلفة ليلة جمع، و المعني قربنا قوم فرعون الي البحر کما يسرنا لبني إسرائيل سلوك البحر و کان ذلک سبب قربهم منهم حتي اقتحموه و قيل: معناه قربناهم الي المنية لمجيء وقت هلاكهم قال الشاعر:
و کل يوم مضي او ليلة سلفت فيها النفوس الي الآجال تزدلف[3]
و أنجينا موسي و من معه يعني بني إسرائيل أنجيناهم جميعهم من الهلاك و الغرق «ثُمَّ أَغرَقنَا الآخَرِينَ» من فرعون و أصحابه. و قال تعالي «إِنَّ فِي ذلِكَ» يعني في فلق البحر فرقاً، و إنجاء موسي من البحر، و إغراق قوم فرعون، لدلالة واضحة علي توحيد اللّه و صفاته الّتي لا يشاركه فيها أحد.
ثم اخبر تعالي ان «أَكثَرُهُم لا يُؤمِنُونَ» و لا يستدلون به بسوء اختيارهم کما يسبق في علمه. فالآخر- بفتح الخاء- الثاني من اثنين قسيم (احد) كقولك نجا اللّه أحدهما، و غرق الآخر، و الآخر- بكسر الخاء- هو الثاني قسيم الأول كقولك نجا الأول و هلك الآخر. و قيل: معني «وَ ما كانَ أَكثَرُهُم مُؤمِنِينَ» ان النّاس مع هذا البرهان الظاهر، و السلطان القاهر، بالأمر المعجز
[1] سورة 26 الشعراء آية 90. [2] مر تخريجه في 6/ 79. [3] تفسير القرطبي 13/ 107.
نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 8 صفحه : 29