و قوله «وَ يَتَّخِذَها هُزُواً» أي يتخذ سبيل اللّه سخرية، فلا يتبعها و يشغل غيره عن اتباعها. و الضمير في قوله «و يتخذها» يجوز أن يکون راجعاً الي الحديث، لأنه بمعني الأحاديث. و يجوز أن يکون راجعاً الي (سبيل اللّه) و السبيل يؤنث و يذكر. و يجوز أن يکون راجعاً الي (آيات اللّه) في قوله «تِلكَ آياتُ الكِتابِ».
ثم اخبر تعالي أن من هذه صفته «لَهُ عَذابٌ مُهِينٌ» أي عذاب بذله.
و الاذلال بالعداوة هو الهوان. فأما إذلال الفقر و المرض، فليس بهوان، و لا إذلال علي الحقيقة. و إذلال العقاب لا يکون إلا هواناً، و إن کان العذاب علي وجه الامتحان، فلا يکون هواناً أيضاً.
ثم اخبر تعالي عن صفة هذا ألذي يتخذ آيات اللّه هزواً و يشتري لهو الحديث أنه «إِذا تُتلي عَلَيهِ آياتُنا» الّتي هي القرآن «وَلّي مُستَكبِراً» أي اعرض عنها تكبراً عن استماعها. و الفكر فيها، كأنه «لَم يَسمَعها» من حيث لم يفكر فيها، و لم يعتبر بها و «كَأَنَّ فِي أُذُنَيهِ وَقراً» أي ثقلا يمنع من سماعه. ثم امر نبيه صلي اللّه عليه و آله أن يبشر من هذه صفة «بِعَذابٍ أَلِيمٍ» أي مؤلم موجع.
ثم اخبر تعالي عن صفة المؤمنين المصدقين بتوحيد اللّه و صدق أنبيائه فقال «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ» أي صدقوا باللّه و نبيه و فعلوا الطاعات «لَهُم جَنّاتُ النَّعِيمِ» يوم القيامة يتنعمون فيها (خالِدِينَ فِيها) أي مؤبدين في تلك البساتين (وَعدَ اللّهِ حَقًّا) أي وعده اللّه حقاً، لا خلف لوعده (وَ هُوَ العَزِيزُ) في انتقامه (الحكيم) في أفعاله، إذ لا يفعل إلا ما فيه المصلحة و وجه من وجوه الحكمة.
ثم اخبر تعالي عن نفسه بأنه (خَلَقَ السَّماواتِ) فأنشاها و اخترعها