بالطاعة و أصله‌ ‌علي‌ ‌هذا‌ القطع‌. و ‌منه‌ الناب‌، لأنه‌ قاطع‌، و أناب‌ ‌في‌ الأمر ‌إذا‌ نشب‌ ‌فيه‌، ‌کما‌ ينشب‌ الناب‌ المقاطع‌، و يجوز ‌أن‌ ‌يکون‌ ‌من‌ ناب‌ ينوب‌ ‌إذا‌ رجع‌ مرة ‌بعد‌ مرة، فيكون‌ ‌علي‌ ‌هذا‌ الانابة التوبة ‌الّتي‌ يجددها مرة ‌بعد‌ مرة.

‌ثم‌ ‌قال‌ (و اتقوه‌) ‌ أي ‌ اجتنبوا معاصيه‌، و اتقوا عقابه‌ (وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ) ‌الّتي‌ أمركم‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ بها ‌ أي ‌ دوموا عليها، و قوموا بأدائها، فالصلاة و ‌إن‌ كانت‌ ‌في‌ حكم‌ المجمل‌، و ‌لم‌ يبين‌ شروطها‌-‌ ‌في‌ ‌الآية‌-‌ فقد أحال‌ ‌علي‌ بيان‌ النبي‌ ‌صلي‌ اللّه‌ ‌عليه‌ و آله‌ ‌هذا‌ ‌إذا‌ أراد بالصلاة تعريف‌ الجنس‌، و ‌إن‌ أراد العهد ‌ألذي‌ استقر ‌في‌ الشرع‌، فهو ‌علي‌ ‌ما ‌قد‌ استقر ‌في‌ الشرع‌ (وَ لا تَكُونُوا مِن‌َ المُشرِكِين‌َ) نهي‌ ‌لهم‌ ‌عن‌ ‌أن‌ يكونوا ‌من‌ جملة. ‌من‌ أشرك‌ بعبادة اللّه‌ سواه‌، ‌ثم‌ ‌قال‌ (مِن‌َ الَّذِين‌َ فَرَّقُوا دِينَهُم‌ وَ كانُوا شِيَعاً) ‌قال‌ الفراء: يجوز ‌ان‌ ‌يکون‌ التقدير: و ‌لا‌ تكونوا ‌من‌ المشركين‌ ‌من‌ جملة ‌الّذين‌ فرقوا دينهم‌، و يجوز ‌أن‌ ‌يکون‌ ‌من‌ ‌الّذين‌ فرقوا ابتداء، و تقديره‌ ‌الّذين‌ تفرقوا و كانوا شيعاً (كُل‌ُّ حِزب‌ٍ بِما لَدَيهِم‌ فَرِحُون‌َ) فالتفريق‌ جعل‌ أحد الشيئين‌ مفارقاً لصاحبه‌ و ضده‌ الجمع‌، و ‌هو‌ جمع‌ أحد الشيئين‌ ‌الي‌ صاحبه‌، فتفريق‌ الدين‌ جعل‌ أحدهما ليس‌ ‌مع‌ الآخر ‌في‌ معني‌ ‌ما يدعو اليه‌ العقل‌، و ‌هو‌ منكر لمخالفته‌ داعي‌ العقل‌، و الدين‌ العمل‌ ‌ألذي‌ يستحق‌ ‌به‌ الجزاء، و دين‌ الإسلام‌ العمل‌ ‌ألذي‌ ‌عليه‌ الثواب‌. و ‌لو‌ جمعوا دينهم‌ ‌في‌ أمر اللّه‌ و نهيه‌ لكانوا مصيبين‌، و لكنهم‌ فرقوا بإخراجه‌ ‌عن‌ حد الأمر و النهي‌ ‌من‌ اللّه‌ و كانوا بذلك‌ مبطلين‌ خارجين‌ ‌عن‌ الحق‌ ‌ألذي‌ أمر اللّه‌ ‌به‌. و ‌من‌ قرأ (فارقوا) بألف‌ أراد: فارقوا دينهم‌ ‌ألذي‌ أمرهم‌ اللّه‌ باتباعه‌.