ثلاث آيات بلا خلاف.
يقول اللّه تعالي لهؤلاء الكفار «أَ وَ لَم يَرَوا» و معناه او لم يعلموا «أَنّا جَعَلنا حَرَماً آمِناً وَ يُتَخَطَّفُ النّاسُ مِن حَولِهِم» أي يتناول النّاس من حوالي مكة بسرعة، و تؤخذ أموالهم. و منه خطف البصر لسرعته. و منه اختطاف الطير لصيده. و منه الخطاف ألذي يخرج الدلو. و المعني بذلك تنبيههم علي جميل صنع اللّه بهم، و سبوغ نعمه عليهم، بأن جعلهم في أمن مع ان النّاس يؤخذون من حولهم. و ذلک لا يقدر عليه غير الله. ثم قال مهدداً لهم «أَ فَبِالباطِلِ يُؤمِنُونَ»؟ أي يصدقون بعبادة الأصنام و هي باطلة مضمحلة «وَ بِنِعمَةِ اللّهِ» الّتي أنعم بها عليهم «يكفرون»!؟ ثم قال «وَ مَن أَظلَمُ مِمَّنِ افتَري عَلَي اللّهِ كَذِباً» أي من اظلم لنفسه ممن جحد آيات الله و أضاف اليه ما لم يقله و لم يأمر به من عبادة الأصنام و غيرها «أَو كَذَّبَ بِالحَقِّ لَمّا جاءَهُ» من نبوة محمّد صلي اللّه عليه و آله من القرآن ألذي أنزل عليه. ثم قال «أَ لَيسَ فِي جَهَنَّمَ مَثويً لِلكافِرِينَ» أي موضع مقام الّذين يجحدون نعم الله، و يكفرون بآياته.
ثم قال «وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا» يعني جاهدوا للكفار بأنفسهم، و جاهدوا نفوسهم بمنعها عن المعاصي و إلزامها فعل الطاعة لوجه الله «لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنا» أي نرشدهم السبيل الموصل إلي الثواب. و قيل: معناه لنوفقنهم لازدياد الطاعات فيزدادوا ثوابهم. و قيل: معناه لنرشدنهم إلي الجنة «وَ إِنَّ اللّهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ» أي ناصر الّذين فعلوا الأفعال الحسنة، و يدفع عنهم أعداءهم.