الله، و الطغيان فيها بجحدها، و الكفر بها.
ثم اخبر تعالي فقال «فَتِلكَ مَساكِنُهُم» يعني مساكن الّذين أهلكهم الله «لَم تُسكَن مِن بَعدِهِم إِلّا قَلِيلًا» من الزمان. ثم هلكوا و ورث الله تعالي مساكنهم لأنه لم يبق منهم احد. ثم خاطب نبيه صلي الله عليه و آله فقال «وَ ما كانَ رَبُّكَ» يا محمّد «مُهلِكَ القُري، حَتّي يَبعَثَ فِي أُمِّها رَسُولًا» و قيل في معني «أمها» قولان:
أحدهما- في أم القري، و هي مكة.
و الآخر في معظم القري في سائر الدنيا «يَتلُوا عَلَيهِم آياتِنا» اي يقرأ عليهم حجج الله و بيناته «وَ ما كُنّا مُهلِكِي القُري إِلّا وَ أَهلُها ظالِمُونَ» لنفوسهم بارتكاب المعاصي، و كفران نعمه.
ثم خاطب خلقه فقال «وَ ما أُوتِيتُم مِن شَيءٍ» أي ما أعطيتم من شيء «فَمَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا» اي هو شيء تنتفعون به في الحياة الدنيا، و تتزينون فيها (وَ ما عِندَ اللّهِ) من الثواب و نعيم الجنة (خَيرٌ وَ أَبقي) من هذه النعم، لأنها باقية، و هذه فانية (أ فلا تعقلون) ذلک و تتفكرون فيه.
و قوله (ثَمَراتُ كُلِّ شَيءٍ) قيل: ان (کل) هنا البعض، لأنا نعلم انه ليس يجبي الي مكة كثير من الثمرات. و قال قوم: ظاهر ذلک يقتضي انه يجبي اليه جميع الثمرات إما رطباً او يابساً، و لا مانع يمنع منه.
و من قرأ (تعقلون) بالتاء فلقوله (وَ ما أُوتِيتُم) و من قرأ بالياء فتقديره (أ فلا يعقلون) يا محمّد.
أَ فَمَن وَعَدناهُ وَعداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ كَمَن مَتَّعناهُ مَتاعَ الحَياةِ الدُّنيا ثُمَّ هُوَ يَومَ القِيامَةِ مِنَ المُحضَرِينَ (61) وَ يَومَ يُنادِيهِم فَيَقُولُ أَينَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنتُم تَزعُمُونَ (62) قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيهِمُ القَولُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغوَينا أَغوَيناهُم كَما غَوَينا تَبَرَّأنا إِلَيكَ ما كانُوا إِيّانا يَعبُدُونَ (63) وَ قِيلَ ادعُوا شُرَكاءَكُم فَدَعَوهُم فَلَم يَستَجِيبُوا لَهُم وَ رَأَوُا العَذابَ لَو أَنَّهُم كانُوا يَهتَدُونَ (64) وَ يَومَ يُنادِيهِم فَيَقُولُ ما ذا أَجَبتُمُ المُرسَلِينَ (65)