يقال لكل عمل بالليل تبييت، و منه قوله (إِذ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرضي مِنَ القَولِ)[1] و انشد ابو عبيدة:
اتوني فلم ارض ما بيتوا و كانوا اتوني بأمر نكر
لا نكح أمهم منذراً و هل ينكح العبد حر لحر[2]
و قال إبن إسحاق انهم لما أتوا صالحاً لتبييته، دفعتهم الملائكة بالحجارة، (ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ) معناه إنهم قالوا إذا قال لنا وليه و ناصره: من فعل هذا قلنا له (ما شَهِدنا مَهلِكَ أَهلِهِ) فمن ضم الميم أراد ما رأينا إهلاكه. و من فتح الميم أراد مكان هلاكهم او إهلاكهم يريد المصدر (وَ إِنّا لَصادِقُونَ) في هذا القول.
ثم اخبر تعالي انهم «مَكَرُوا» بهذا القول «وَ مَكَرنا» نحن ايضاً مكراً بأن جازيناهم علي مكرهم و جعلنا و باله عليهم فانا أهلكناهم عن آخرهم. و قيل:
ان اللّه أرسل عليهم صخرة أهلكتهم. و يحتمل أن يکون المعني في «مَكَرنا» انا أنجينا المؤمنين بالمكر بالكفار بكل ما يقدرون عليه من الإضرار بهم، و إلجائهم الي الايمان. و انما نسبه الي نفسه لما کان بأمره.
فَانظُر كَيفَ كانَ عاقِبَةُ مَكرِهِم أَنّا دَمَّرناهُم وَ قَومَهُم أَجمَعِينَ (51) فَتِلكَ بُيُوتُهُم خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَومٍ يَعلَمُونَ (52) وَ أَنجَينَا الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ (53) وَ لُوطاً إِذ قالَ لِقَومِهِ أَ تَأتُونَ الفاحِشَةَ وَ أَنتُم تُبصِرُونَ (54) أَ إِنَّكُم لَتَأتُونَ الرِّجالَ شَهوَةً مِن دُونِ النِّساءِ بَل أَنتُم قَومٌ تَجهَلُونَ (55)