اليوم کان علي الكافرين عسيراً، يعني صعباً شديداً، و العسير هو ألذي يتعذر طلبه، و نقيضه اليسير. و الحق هو ما کان معتقده علي ما هو به، معظم في نفسه، و لذلك وصفه تعالي بأنه الحق و وصف ملكه ايضاً بأنه الحق لما ذكرناه. و قيل «الملك» علي ثلاثة أضرب: ملك عظمة، و هو للّه تعالي وحده. و ملك ديانة بتمليك اللّه تعالي.
و ملك جبرية بالغلبة.
ثم قال تعالي أن في ذلک اليوم «يَعَضُّ الظّالِمُ عَلي يَدَيهِ» تلهفاً علي ما فرط في جنب اللّه، في ارتكاب معصيته. و قيل: إن الآية نزلت في أبي بن خلف، و عقبة إبن أبي معيط، و كانا خليلين ارتدّ أبي، لما صرفه عن الإسلام عقبة. و قتل عقبة إبن أبي معيط يوم بدر صبراً. و قتل أبي بن خلف يوم احد، قتله النبي (ص) بيده، ذكره قتادة. و قال مجاهد: الخليل- هاهنا- الشيطان، و فلان كناية عن واحد بعينه من النّاس، لأنه معرفة. و قال إبن دريد، عن أبي حاتم عن العرب: أنهم يكنوا عن کل مذكر بفلان، و عن کل مؤنث بفلانة. و إذا كنوا عن البهائم أدخلوا الألف و اللام، فقالوا الفلان و الفلانة.
ثم بين أنه يتبرأ منه بأن يقول: و اللّه «لَقَد أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكرِ بَعدَ إِذ جاءَنِي» يعني أغواني عن اتباع الذكر ألذي هو النبي (ص) و يحتمل أن يکون أراد القرآن.
ثم بين فقال «وَ كانَ الشَّيطانُ لِلإِنسانِ خَذُولًا» يخذله في وقت حاجته و معاونته، لأنه علي باطل «وَ قالَ الرَّسُولُ» أي و يقول الرسول «إِنَّ قَومِي اتَّخَذُوا هذَا القُرآنَ مَهجُوراً» و قيل في معناه قولان:
أحدهما- قال محمّد، و ابراهيم: انهم قالوا فيه هجراً أي شيئاً من القول القبيح لزعمهم انه سحر، و انه أساطير الأولين.
و الثاني- قال إبن زيد: هجروا القرآن باعراضهم عنه، و ترك ما يلزمهم فيه