الصالحات، بأن يستخلفهم في الإرض، و معناه يورثهم أرض المشركين من العرب و العجم (كَمَا استَخلَفَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم) يعني بني إسرائيل بأرض الشام بعد إهلاك الجبابرة بأن أورثهم ديارهم و جعلهم سكانها. و قال الجبائي: (استَخلَفَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم) يعني في زمن داود و سليمان. و قال النقاش: يريد بالأرض أرض مكة، لان المهاجرين سألوا ذلک، و الاول قول المقداد بن الأسود، و
روي عن رسول اللّه (ص) أنه قال: (لا يبقي علي الإرض بيت مدر، و لا وبر إلا و يدخله الإسلام بعز عزيز أو ذل ذليل).
و في ذلک دلالة علي صحة نبوة النبي (ص) لأنه أخبر عن غيب وقع مخبره علي ما أخبر، و ذلک لا يعلمه إلا اللّه تعالي (وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُم دِينَهُمُ الَّذِي ارتَضي لَهُم) يعني يمكنهم من إظهار الإسلام ألذي ارتضاه ديناً لهم (وَ لَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعدِ خَوفِهِم أَمناً) أي نصرهم بعد أن كانوا خائفين بمكة وقت غلبة المشركين آمنين بقوة الإسلام و انبساطه.
ثم اخبر عن المؤمنين الّذين وصفهم بأنهم يعبدون اللّه تعالي وحده لا يشركون بعبادته سواه من الأصنام و الأوثان و غيرهما. و يجوز ان يکون موضعه الحال.
و يجوز أن يکون مستأنفاً.
ثم قال (وَ مَن كَفَرَ بَعدَ ذلِكَ) يعني بعد ألذي قصصنا عليك و وعدناهم به (فَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقُونَ) و إنما ذكر الفسق بعد الكفر مع أن الكفر أعظم من الفسق، لأحد أمرين:
أحدهما- انه أراد الخارجين في كفرهم الي أفحشه، لان الفسق في کل شيء هو الخروج الي أكبره.
الثاني- أراد ان من كفر تلك النعمة بالفساد بعدها، فسق و ليس يعني الكفر باللّه، ذكره ابو العالية.