لَدُن حَكِيمٍ خَبِيرٍ»[1] فالنون ساكنة في کل أحوالها، و الهاء إذا أتت بعد حرف ساكن لم يجز فيها إلا الضم نحو (منه) فالأصل (منهو) و (لهو) فهو كقول إبن كثير، غير أنهم حذفوا الواو اختصاراً، و إنما أسكن ابو بكر الدال استثقالا للضم کما قالوا «في كرم زيد»: قد كرم زيد، فلما سكن الدال التقي ساكنان، النون و الدال، فكسر النون لالتقاء الساكنين، و كسر الهاء لمجاورة حرف مكسور، و وصلها بهاء کما تقول: مررت به، و لو فتح النون لالتقاء الساكنين لجاز، بعد أن أسكن الثاني كقول الشاعر:
عجبت لمولود و ليس له أب و من ولد لم يلده أبوان[2]
يعني آدم و عيسي. فلا يتوهم أن عاصماً كسر النون علامة للجزم، لان (لدن) لا تعرب. و حكي ابو زيد: جئت فلاناً لدن غدوة- بفتح الدال-.
يقول اللّه تعالي لخلقه قولوا (الحَمدُ لِلّهِ الَّذِي) خص برسالته محمداً (ص) و انتجبه لابلاغها عنه، و بعثه الي خلقه نبياً رسولا، و انزل عليه كتاباً قيما، و لم يجعل له عوجاً. و قيل في معني قوله (قيماً) قولان: أحدهما- معتدلا مستقيما الثاني- أنه قيم علي سائر الكتب يصدقها و يحفظها. و الأول قول إبن عباس. فعلي هذا «قيما» مؤخر، و المراد به التقدم، و تقديره أنزل الكتاب قيماً، و لم يجعل له عوجاً أي اختلافاً. و قال الضحاك: معناه مستقيماً. و قال إبن إسحاق: معناه معتدلا لا اختلاف فيه. و قال قتادة: أنزل اللّه الكتاب قيماً، و لم يجعل عوجاً. و في بعض القراءات «و لكن جعله قيما» و كسرت العين من قوله «عوجاً» لأن العرب تقول: عوجاً