اللّه- في رواية إبن جريج.
و الثاني- انه جري علي تعظيم الذكر في خطاب الواحد بلفظ الجمع لعظم القدر کما يقول ذلک المتكلم، قال اللّه تعالي «إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَ إِنّا لَهُ لَحافِظُونَ»[1] و قال «وَ لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ»[2] و ما جري مجراه. و روي النضر بن سمأل قال: سئل الخليل عن قوله «رَبِّ ارجِعُونِ» ففكر ثم قال: سألتموني عن شيء لا أحسنه و لا أعرف معناه، و اللّه أعلم، لأنه جمع، فاستحسن النّاس منه ذلک.
فقال اللّه تعالي في الجواب عن سؤالهم «كلا» و هي كلمة ردع و زجر أي حقاً «إِنَّها كَلِمَةٌ» فالكناية عن الكلمة و التقدير: ان الكلمة الّتي قالوها «كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها» بلسانه. و ليس لها حقيقة، کما قال «وَ لَو رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنهُ»[3] و قوله «وَ مِن وَرائِهِم بَرزَخٌ إِلي يَومِ يُبعَثُونَ» فالبرزخ الحاجز- و هاهنا- هو الحاجز بين الموت و البعث- في قول إبن زيد- و قال مجاهد: هو الحاجز بين الموت و الرجوع الي الدنيا.
و قال الضحاك: هو الحاجز بين الدنيا و الاخرة. و قيل البرزخ الامهال. و قيل: کل فصل بين شيئين برزخ.
و في الآية دلالة علي أن احداً لا يموت حتي يعرف اضطراراً منزلته عند الله و انه من أهل الثواب أو العقاب- في قول الجبائي و غيره- و فيها دلالة أيضاً علي انهم في حال التكليف يقدرون علي الطاعة بخلاف ما تقول المجبرة.
و معني «وَ مِن وَرائِهِم» أي أمامهم و قدامهم، قال الشاعر:
أ يرجو بنو مروان سمعي و طاعتي و قومي تميم و الفلاة ورائيا
و معني «يبعثون» يوم يحشرون للحساب و المجازاة، و أضيف الي الفعل لان ظرف الزمان يضاف الي الافعال.