يحزنون فيها، و يحفظون ما يعاهدون عليه من الأيمان و النذور، فلا يحنثون و لا ينكثون. و المراعات قيام الراعي بإصلاح ما يتولاه. ثم قال «وَ الَّذِينَ هُم عَلي صَلَواتِهِم يُحافِظُونَ» أي لا يضيعونها. و يواظبون علي أدائها. و في تفسير أهل البيت إن معناه: الّذين يحافظون علي مواقيت الصلوات فيؤدونها في أوقاتها، و لا يؤخرونها حتي يخرج الوقت. و به قال مسروق و جماعة من المفسرين. و انما أعيد ذكر الصلاة- هاهنا- لأنه أمر- هاهنا- بالمحافظة عليها، کما امر بالخشوع فيها، في ما تقدم، کما أعيد ذكر الفلاح، لأنه يجب بالخصال المذكورة بعده کما وجب في- سورة البقرة-[1] بالخصال المذكورة قبله.
ثم اخبر تعالي عمن اجتمعت فيه هذه الخصال، فقال «أُولئِكَ هُمُ الوارِثُونَ» و قيل في معناه قولان:
أحدهما- انه يؤل أمره الي النعيم في الجنة، و يملك ما يعطيه الله، کما يؤل أمر الوارث الثاني-
روي أبو هريرة عن النبي (ص) أنه قال (ما منكم أحد إلا و له منزلان منزل في الجنة و منزل في النار، فان مات علي الضلال ورث منزله أهل الجنة، و إن مات علي الايمان، ورث هو منزل اهل النار).
و قال مجاهد: يهدم منزله في النار، ثم وصف الله تعالي الوارثين، فقال (الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِردَوسَ هُم فِيها خالِدُونَ) و حقيقة الإرث ملك ما يتركه الميت ان بلده، ممن هو أولي به في حكم اللّه، فهذا أصله، ثم يشبه به، فيقال: ورث فلان علم فلان أي صار اليه، و معني (يَرِثُونَ الفِردَوسَ) اي يصيرون اليها بعد الأحوال المتقدمة. و الفردوس البستان ألذي يجمع محاسن النبات. و قيل أصله رومي. و قيل: بل هو عربي و وزنه (فعول) و قيل الفردوس البستان. ألذي فيه كرم قال جرير: