لان صفة علي منقولة اليه، و لم تنقل صفة (رفيع) و وصفه بأنه الكبير، يفيد أن کل شيء سواه يصغر مقداره عن معني صفته، لأنه القادر ألذي لا يعجزه شيء، العالم ألذي لا يخفي عليه شيء.
و قوله «أَ لَم تَرَ» خطاب للنبي (ص) و المراد به جميع المكلفين يقول الله لهم ألم تعلموا «أَنَّ اللّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً» يعني غيثاً و مطراً «فَتُصبِحُ الأَرضُ» بذلك «مخضرة» بالنبات «إِنَّ اللّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ» فاللطيف معناه أنه المختص بدقيق التدبير ألذي لا يخفي عنه شيء و لا يتعذر عليه، فهو لطيف باستخراج النبات من الإرض بالماء، و ابتداع ما يشاء «خبير» بما يحدث عنه و ما يصلح له. و قوله «فَتُصبِحُ الأَرضُ» انما رفع (فتصبح) لأنه لم يجعله جواباً للاستفهام، لان الظاهر و إن کان الاستفهام فالمراد به الخبر، كأنه قال: قد رأيت أن اللّه ينزل من السماء ماء، فتصبح الإرض مخضرة، إلا انه نبه علي ما کان رآه ليتأمل ما فيه قال الشاعر:
ألم تسأل الربع القواء فينطق و هل يخبرنك اليوم بيداً سملق[1]
لان المعني قد سألته فنطق. ثم أخبر تعالي أن «له» ملك «ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الأَرضِ» لا ملك لاحد فيه. و معناه إن له التصرف في جميع ذلک لا اعتراض عليه. و أخبر «إِنَّ اللّهَ لَهُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ» فالغني هو الحي ألذي ليس بمحتاج، فهو تعالي المختص بأنه لو بطل کل شيء سواه لم تبطل نفسه القادرة العالمة. ألذي لا يجوز عليه الحاجة بوجه من الوجوه، و کل شيء سواه يحتاج اليه، لأنه لولاه لبطل، لأنه لا يخلو من مقدوره أو مقدور مقدوره. و (الحميد) معناه ألذي يستحق الحمد علي أفعاله، و هو بمعني انه محمود.