و إن كانوا مؤمنين تثبتوا زيادة علي ما معهم، و يزدادوا يقيناً الي يقينهم. و قال البلخي:
اللام في قوله «ليتساءلوا» لام العاقبة، لأن التساؤل بينهم قد وقع. ثم اخبر تعالي أن قائلا منهم قال: للباقين «كم لبثتم» مستفهماً لهم، فقالوا في جوابه: «لَبِثنا يَوماً أَو بَعضَ يَومٍ» و انما أخبروا بذلك من غير أن يعلموا صحته، لأن الاخبار في مثل هذا عن غالب الظن و علي ذلک وقع السؤال، لان النائم لا يدري، و لا يتحقق مقدار نومه إلا علي غالب الظن. و قيل أنهم لما ناموا کان عند طلوع الشمس فلما انتبهوا كانت الشمس دنت للغروب بقليل. فلذلك قالوا: يوماً أو بعض يوم- ذكره الحسن-.
و قيل ايضاً إن الخبر بأنهم قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم ليس ينافي انهم لبثوا مدة طويلة، لان المدة الطويلة تأتي علي قصيرة و تزيد عليها لا محالة. ثم قالوا «ربكم اعلم بما لبثتم» و معناه ان ألذي خلقكم اعرف بمدة لبثكم علي التحقيق. و الأعلم هو من كانت علومه اكثر أو صفاته في كونه عالماً أزيد. و قيل: إن الأعلم هو من كانت معلوماته اكثر، و هذا ليس بصحيح، لأنه يلزم انه عالم من اجل العلوم.
ثم قال بعضهم لبعض «فَابعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُم هذِهِ إِلَي المَدِينَةِ فَليَنظُر أَيُّها أَزكي طَعاماً» و قيل في معناه قولان:
أحدهما- قال قتادة: «ازكي» أجل و خير.
و الثاني- ايها أنمي طعاماً بأنه طاهر حلال، لأنهم كانوا يذبحون للأوثان، و هم كفار أرجاس. و قيل معناه ايها اكثر فان الزكاة و النماء الزيادة. «فَليَأتِكُم بِرِزقٍ مِنهُ وَ ليَتَلَطَّف» في شرائه و إخفاء أمره «وَ لا يُشعِرَنَّ بِكُم أَحَداً» أي لا يعلمن بمكانكم أحداً. و قيل: المعني و إن ظهر عليه فلا يوقعن إخوانه فيما وقع فيه لأنهم «إِن يَظهَرُوا عَلَيكُم» و يعلموا بمكانكم «يرجموكم». قال الحسن: معناه يرجموكم بالحجارة.
و قال إبن جريج: يشتموكم و يؤذوكم بالقول القبيح «أَو يُعِيدُوكُم فِي مِلَّتِهِم» اي