و الثاني- قال الحسن: انه جواب للمشركين لما قالوا: انه شقي.
و قوله «إِلّا تَذكِرَةً لِمَن يَخشي» معناه لكن أنزلناه تذكرة أي ليتذكر به من يخشي اللّه و يخاف عقابه، يقال: ذكره تذكيراً و تذكرة، و مثله «وَ ما لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِعمَةٍ تُجزي إِلَّا ابتِغاءَ وَجهِ رَبِّهِ الأَعلي»[1] اي لكن ابتغاء وجه ربه، و ما فعله إلا ابتغاء وجه ربه، و مثله قول القائل: ما جئت لأسوءك إلا إكراماً لزيد، يريد ما جئت إلا اكراماً لزيد، و كذلك المصادر الّتي تكون عللا لوقوع الشيء نحو جئتك ابتغاء الخير اي لابتغاء الخير. و قوله «تَنزِيلًا مِمَّن» معناه نزل تنزيلا. و قيل تقديره «إِلّا تَذكِرَةً ... تَنزِيلًا مِمَّن خَلَقَ الأَرضَ وَ السَّماواتِ العُلي» أي أبدعهن و أحدثهن و «العلي» جمع عليا، مثل ظلمة و ظلم، و ركبة و ركب، و مثل الدنيا و الدني.
و القصوي و القصي.
و قوله «الرحمن» رفع بأنه خبر مبتدأ، لأنه لما قال «تَنزِيلًا مِمَّن خَلَقَ» بينه فكأنه قال: هو الرحمن، كقوله «بِشَرٍّ مِن ذلِكُمُ النّارُ»[2] و قال ابو عبيدة: تقديره «ما أَنزَلنا عَلَيكَ القُرآنَ ... إِلّا تَذكِرَةً لِمَن يَخشي» لا لتشقي. [و يحتمل أن يکون المراد ما أنزلنا عليك القرآن لتشقي][3] و ما أنزلناه إلا تذكرة لمن يخشي.
«الرَّحمنُ عَلَي العَرشِ استَوي» قيل في معناه قولان:
أحدهما- انه استولي عليه، و قد ذكرنا فيما مضي شواهد ذلک.
الثاني- قال الحسن «استوي» لطفه و تدبيره، و قد ذكرنا ذلک أيضاً فيما مضي، و أوردنا شواهده في سورة البقرة[4] فأما الاستواء بمعني الجلوس علي الشيء