آكد كأنه‌ ألزم‌ نفسه‌ إلزاماً ‌کما‌ يقول‌ القائل‌: آمر نفسي‌، و يقول‌ ‌من‌ زارني‌ فلأكرمه‌، فيكون‌ الزم‌ ‌من‌ ‌قوله‌ أكرمه‌. و يجوز ‌أن‌ ‌يکون‌ أراد «فَليَمدُد لَه‌ُ الرَّحمن‌ُ مَدًّا» ‌في‌ عذابهم‌ ‌في‌ النار، ‌کما‌ ‌قال‌ «وَ نَمُدُّ لَه‌ُ مِن‌َ العَذاب‌ِ مَدًّا»[1] و ‌قوله‌ «حَتّي‌ إِذا رَأَوا ما يُوعَدُون‌َ» ‌ أي ‌ شاهدوا ‌ما وعدهم‌ اللّه‌ ‌به‌ «إما العذاب‌» و العقوبة ‌علي‌ المعاصي‌ «و إما» القيامة و المجازاة لكل‌ أحد ‌علي‌ ‌ما يستحقه‌ «فسيعلمون‌» حينئذ و يتحققون‌ «مَن‌ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضعَف‌ُ جُنداً» آلكفار أم‌ المؤمنين‌. و ‌في‌ ‌ذلک‌ غاية التهديد ‌في‌ كونهم‌ ‌علي‌ ‌ما ‌هم‌ ‌عليه‌. و ‌قيل‌ العذاب‌-‌ هاهنا‌-‌ المراد ‌به‌ ‌ما وعد المؤمنون‌ ‌به‌ ‌من‌ نصرهم‌ ‌علي‌ الكفار فيعذبونهم‌ قتلا و اسراً، فسيعلمون‌ بالنصر و القتل‌ انهم‌ أضعف‌ جنداً ‌من‌ جند النبي‌ و المسلمين‌، و يعلمون‌ بمكانهم‌ ‌من‌ جهنم‌ و مكان‌ المؤمنين‌ ‌من‌ الجنة، ‌من‌ ‌هو‌ شر مكاناً.

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ مريم‌ (19): الآيات‌ 76 ‌الي‌ 80]

وَ يَزِيدُ اللّه‌ُ الَّذِين‌َ اهتَدَوا هُدي‌ً وَ الباقِيات‌ُ الصّالِحات‌ُ خَيرٌ عِندَ رَبِّك‌َ ثَواباً وَ خَيرٌ مَرَدًّا (76) أَ فَرَأَيت‌َ الَّذِي‌ كَفَرَ بِآياتِنا وَ قال‌َ لَأُوتَيَن‌َّ مالاً وَ وَلَداً (77) أَطَّلَع‌َ الغَيب‌َ أَم‌ِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحمن‌ِ عَهداً (78) كَلاّ سَنَكتُب‌ُ ما يَقُول‌ُ وَ نَمُدُّ لَه‌ُ مِن‌َ العَذاب‌ِ مَدًّا (79) وَ نَرِثُه‌ُ ما يَقُول‌ُ وَ يَأتِينا فَرداً (80)

خمس‌ آيات‌ بلا خلاف‌.

يقول‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ انه‌ «يزيد ‌الّذين‌ اهتدوا» ‌الي‌ طاعة اللّه‌ و اجتناب‌ معاصيه‌