و به قال سعيد بن جبير و السدي، و هو بمعني الملاوة من الزمان و هو الطويل منه.
و الثاني- قال إبن عباس و قتادة و عطية و الضحاك: معني «مليا» سوياً سليماً من عقوبتي، و هو من قولهم: فلان مليّ بهذا الأمر إذا کان كامل الأمر فيه مضطلعاً به، فقال له ابراهيم «سَلامٌ عَلَيكَ» أي سلامة عليك، أي إكرام و بر بحق الأبوة و شكر التربية. و قال ذلک علي وضع التواضع له و لين الجانب لموضعه «سَأَستَغفِرُ لَكَ رَبِّي» قال قوم: انما وعده بالاستغفار علي مقتضي العقل، و لم يكن قد استقر بعد قبح الاستغفار للمشركين. و قال قوم: معناه سأستغفر لك إذا تركت عبادة الأوثان و أخلصت العبادة للّه تعالي. و معني قوله «إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا» إن اللّه کان عالماً بي لطيفاً، و الخفي اللطيف بعموم النعمة، يقال: تحفني فلان إذا اكرمني و ألطفني، و حفي فلان بفلان حفاوة إذا ابره و ألطفه. و الحفي أذي يلحق باطن القدم للطفه عن المشي بغير نعل ثم قال «وَ أَعتَزِلُكُم» أي أتنحي عنكم جانباً، و اعتزل عبادة «ما تَدعُونَ مِن دُونِ اللّهِ. وَ أَدعُوا رَبِّي» وحده (عَسي أَلّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا).
و قوله (فَلَمَّا اعتَزَلَهُم وَ ما يَعبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ) قيل انه اعتزلهم بأن خرج الي ناحية الشام (وَهَبنا لَهُ إِسحاقَ وَ يَعقُوبَ وَ كُلًّا جَعَلنا نَبِيًّا) أي لما اعتزلهم آنسنا وحشته بأولاد كرام علي اللّه رسل للّه، و جعلناهم كلهم أنبياء معظمين (وَ وَهَبنا لَهُم مِن رَحمَتِنا) أي من نعمتنا (وَ جَعَلنا لَهُم لِسانَ صِدقٍ عَلِيًّا) قال إبن عباس و الحسن:
معناه الثناء الجميل الحسن من جميع أهل الملل، لان أهل الملل علي اختلافهم يحسنون الثناء عليهم، و تقول العرب: جاءني لسان من فلان تعني مدحه أو ذمه قال عامر إبن الحارث:
اني اتتني لسان لا أسر بها من علو لا عجب منها و لا سخر