الثاني- لتسكن سكون سرور برؤيتها ما تحب، يقال قررت به عيناً أقر قروراً و هي لغة قريش. و أهل نجد يقولون: قررت به عيناً- بفتح العين- أقر قراراً، کما يقولون قررت بالمكان- بالفتح.
و قوله (فَإِمّا تَرَيِنَّ مِنَ البَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرتُ لِلرَّحمنِ صَوماً) قال الجبائي: کان اللّه تعالي أمرها بأن تنذر للّه تعالي الصمت، فإذا كلمها احد تومي بأنها نذرت صوماً صمتاً، لأنه لا يجوز ان يأمرها بان تخبر بأنها نذرت و لم تنذر، لأن ذلک كذب. و قال انس بن مالك و إبن عباس و الضحاك: تريد بالصوم الصمت.
و قال قتادة: يعني صمتاً عن الطعام و الشراب و الكلام أي إمساكاً. و انما أمرها بالصمت ليكفيها الكلام ولدها بما يبرئ ساحتها- في قول إبن مسعود و إبن زيد و وهب إبن منية و قيل: من کان صام في ذلک الوقت لا يكلم النّاس، فاذن لها في هذا المقدار من الكلام، في قول السدي.
فان قيل كيف تكون نذرت الصمت و ألا تكلم أحداً مع قولها و اخبارها عن نفسها بأنها نذرت و هل ذلک إلا تناقض!
قيل من قال: انه أذن لها في هذا القدر فحسب، يقول: انها نذرت لا تكلم بما زاد عليه. و من قال: انها نذرت نذراً عاماً، قال: أو مت بذلك و لم تتلفظ به. و قيل:
أمرها اللّه أن تشير اليهم بهذا المعني، و انها ولدته بناحية بيت المقدس، و في موضع يعرف ب (بيت لحم).