أحسبت «أَنَّ أَصحابَ الكَهفِ وَ الرَّقِيمِ كانُوا مِن آياتِنا عَجَباً» بل ما خلقت من السموات و الإرض و ما بينهن من العجائب اعجب من اصحاب اهل الكهف، و حجتي بذلك ثابتة[1] علي هؤلاء المشركين من قومك و غيرهم من جميع عبادي، و هو قول مجاهد و قتادة و إبن إسحاق. و قال قوم: معناه «أَم حَسِبتَ» يا محمّد «أَنَّ أَصحابَ الكَهفِ وَ الرَّقِيمِ كانُوا مِن آياتِنا عَجَباً» فان ألذي آتيتك من العلم و الحكمة أفضل منه، و هو قول إبن عباس، و قال الجبائي: المعني أ حسبت «أَنَّ أَصحابَ الكَهفِ وَ الرَّقِيمِ كانُوا مِن آياتِنا عَجَباً» و لو لم نعلمك ذلک لما علمته. و الأول أشبه، لأن اللّه تعالي جعل انزال سورة الكهف احتجاجاً علي الكفار بما واطأهم عليه اليهود.
و المراد بالكهف في الآية كهف الجبل ألذي أوي اليه القوم الّذين قص اللّه شأنهم و ذكر اخبارهم في هذه السورة.
و اختلفوا في معني «الرقيم» فقال قوم: هو اسم قرية- ذهب اليه إبن عباس- و في رواية أخري عنه: أنه واد بين غضبان، و ايلة، دون فلسطين، و هو قريب من ايلة. و قال عطية: «الرقيم» واد. و قال قتادة: «الرقيم» اسم الوادي ألذي فيه اصحاب الكهف. و قال مجاهد: «الرقيم» كتاب تبيانهم. و في رواية ايضاً عن إبن عباس أن «الرقيم» هو الكتاب. و قال سعيد بن جبير: هو لوح من حجارة كتبوا فيه قصص اصحاب الكهف ثم وضعوه علي باب الكهف، و هو اختيار البلخي و الجبائي و جماعة. و قيل: جعل ذلک اللوح في خزائن الملوك، لأنه من عجائب الأمور. و قيل بل جعل علي باب كهفهم. و قال إبن زيد: الرقيم كتاب، و لذلك الكتاب خبر، فلم يخبر اللّه عن ذلک الكتاب و ما فيه، و قرأ قوله «وَ ما أَدراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرقُومٌ يَشهَدُهُ المُقَرَّبُونَ»[2] و قال: هو اسم جبل اصحاب الكهف،