السدي: يرث نبوته و نبوة آل يعقوب، و کان آل يعقوب أخواله، و هو يعقوب إبن ماتان، و کان قيم الملك منهم، و کان زكريا من ولد هارون بن عمران أخي موسي إبن عمران. قال مقاتل: يعقوب بن ماثان أخو عمران أبي مريم، و هما ابنا ماثان.
و قوله «وَ اجعَلهُ رَبِّ رَضِيًّا» و الجعل علي اربعة اقسام:
أحدها- بمعني الأحداث كقولهم جعل البناء أي أحدثه.
و الثاني- احداث ما يتغير به كقولهم: جعل الطين خزفاً أي أحدث ما به يتغير الثالث- ان يحدث فيه حكما كقولهم: جعل فلان فلاناً فاسقاً أي بما أحدث فيه من حكمه و تسميته.
الرابع- أن يحدث ما يدعوه الي ان يفعل كقولهم: جعله يقتل زيداً اي بما أمره به و دعاه الي قتله.
و معني «وَ اجعَلهُ رَبِّ رَضِيًّا» أي اجعل ذلک الولي ألذي يرثني مرضياً عندك ممتثلا لأمرك عاملا بطاعتك.
و في الآية دلالة علي ان الأنبياء يورثون المال بخلاف ما يقول من خالفنا انهم لا يورثون، لأن زكريا صرح بدعائه و طلب من يرثه و يحجب بني عمه و عصبته من الولد.
و حقيقة الميراث انتقال ملك المورث الي ورثته بعد موته بحكم اللّه. و حمل ذلک علي العلم و النبوة علي خلاف الظاهر، لان النبوة و العلم لا يورثان، لأن النبوة تابعة للمصلحة لا مدخل للنسب فيها، و العلم موقوف علي من يتعرض له و يتعلمه، علي أن زكريا إنما سأل ولياً من ولده يحجب مواليه من بني عمه و عصبته من الميراث و ذلک لا يليق إلا بالمال، لان النبوة و العلم لا يحجب الولد عنهما بحال، علي أن اشتراطه ان يجعله (رضيا) لا يليق بالنبوة، لان النبي لا يکون إلا رضياً معصوما، فلا معني لمسألته ذلک، و ليس كذلك المال، لأنه يرثه الرضي و غير الرضي. و استدل المخالف بهذه