معناه هذه تلك الآيات الّتي وعدتم بها في التوراة، کما قال «الر تِلكَ آياتُ الكِتابِ المُبِينِ» معناه المظهر لحلال اللّه و حرامه و المعاني المرادة به، و هو قول مجاهد و قتادة، و يروي عن معاذ أنه قال (المبين) قال بين الحروف الّتي سقطت عن ألسن الأعاجم، و هي ستة يعني حروف الحلق.
و البيان هو الدلالة. و قال الرماني البيان: إظهار المعني من الطريق الّتي من جنسه. و البرهان إنما هو إظهار صحة المعني بما يشهد به، و إنما سميت (آيات) لما فيها من الدلالة القاطعة علي صحة ما تضمنته الآية الدالة.
إِنّا أَنزَلناهُ قُرآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُم تَعقِلُونَ (2)
آية بلا خلاف.
اخبر اللّه تعالي أنه انزل هذا الكتاب قرآناً عربياً لكي يعقلوا معانيه و أغراضه، و سمّاه (قرآناً) لما تضمن مجموع خبر يوسف و غير ذلک. و (القرآن) كلام في أعلا طبقة البلاغة، و وجه بلاغة القرآن كونه في نهاية التلاؤم المنافي للتنافر في تأليف اللفظ و المعني: مع تشاكل المقاطع في الفواصل بما يقتضيه المعني و مع تصريف القول علي احسن ما تصرف به المعني.
و العقل مجموعة علوم يتمكن معها من الاستدلال بالشاهدين علي الغائب، و يفصل به بين الحسن و القبيح. ثم يجري علي کل ما يعقله الإنسان في نفسه من المعاني.
و في الآية دليل علي ان كلام اللّه محدث، لأنه وصفه بالانزال و بأنه عربي، و لا يوصف بذلك القديم.
و فيه دلالة علي أن القرآن غير اللّه، لأنه وصفه بأنه عربي، و من يزعم أن اللّه عربي، فقد كفر، و ما کان غير اللّه فهو محدث.