و يقوي هذا التأويل قوله «وَ إِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِي عَمَلِي وَ لَكُم عَمَلُكُم أَنتُم بَرِيئُونَ مِمّا أَعمَلُ وَ أَنَا بَرِيءٌ مِمّا تَعمَلُونَ»[1]. و قوله «قُل يا أَيُّهَا الكافِرُونَ لا أَعبُدُ ما تَعبُدُونَ وَ لا أَنتُم عابِدُونَ ما أَعبُدُ»[2]، فيكون اللّه خلقهم ليخالفوا الكافرين و المبطلين. و قال عمر عن الحسن: ان معني «وَ لِذلِكَ خَلَقَهُم» ليكون أمر الكفار مختلفاً بكفرهم و تكذيبهم. و قال البلخي: أخبر أنهم لا يزالون مختلفين إلا من رحم، فإنهم غير مختلفين، هذا معني الآية، و الا فلا معني لها. ثم قال «وَ لِذلِكَ خَلَقَهُم» اي لان يكونوا أمة واحدة متفقين غير مختلفين.
و قوله «وَ تَمَّت كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَملَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَ النّاسِ أَجمَعِينَ»، معناه التحذير لكل احد ان يکون ممن تملأ جهنم به، و تمامها وقوع مخبرها علي ما تقدم بها، و هذا يمين أقسم اللّه به، و تقديره يميناً لاملأن، کما تقول: حلفي لأضربنك، و بدا لي لأضربنك. و کل فعل کان تأويله كتأويل بلغني، أو قيل لي أو انتهي إليّ، فان (اللام) و (ان) يصلحان فيه، فتقول بدا لي لأضربنك، و بدا لي ان أضربك، فلو قيل و تمت كلمة ربك أن يملأ جهنم من الجنة و النّاس کان صواباً.
وَ كُلاًّ نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَ جاءَكَ فِي هذِهِ الحَقُّ وَ مَوعِظَةٌ وَ ذِكري لِلمُؤمِنِينَ (120)
آية بلا خلاف.
قوله «و كلا» نصب علي المصدر، و تقديره، کل القصص نقص عليك. و قال قوم: نصب علي الحال، فقدم الحال قبل العامل، کما تقول: كلا ضربت، و يجوز ان يکون نصباً علي انه مفعول به، و تقديره: و کل ألذي تحتاج اليه نقص عليك،