و قوله «إِنَّ الحَسَناتِ يُذهِبنَ السَّيِّئاتِ» قيل فيه و جهان:
أحدهما- تذهب به علي وجه التكفير إذا كانت المعصية صغيرة.
و الآخر- ان المراد بالحسنات التوبة تذهب بالسيئة أي تسقط عقابها، لأنه لا خلاف في ان سقوط العقاب عند التوبة. و قد قيل ان الدوام علي فعل الحسنات يدعو الي ترك السيئات فكأنها أذهبت بها.
و قوله «ذلِكَ ذِكري لِلذّاكِرِينَ» يعني ما ذكره من قوله «إِنَّ الحَسَناتِ يُذهِبنَ السَّيِّئاتِ» فيه تذكار لمن تذكر به و فكّر فيه.
وَ اصبِر فَإِنَّ اللّهَ لا يُضِيعُ أَجرَ المُحسِنِينَ (115)
آية بلا خلاف.
أمر اللّه تعالي نبيه صلّي اللّه عليه و سلّم بالصبر علي أذي قومه و تكذيبهم إياه، و التجلد عليه، و علي القيام بما افترض عليه من أداء الواجب، و الامتناع من القبيح، و بين له انه لا يضيع و لا يهمل أجر المحسنين علي إحسانهم بل يكافيهم عليه أتم الجزاء و أكمل الثواب، و (الصبر) حبس النفس عن الخروج الي ما لا يجوز من ترك الحق، و ضده الجزع قال الشاعر:
فان تصبرا فالصبر خير مغبة و ان تجزعا فالأمر ما تريان[1]
و الصبر علي الباطل مذموم، قال اللّه تعالي «وَ انطَلَقَ المَلَأُ مِنهُم أَنِ امشُوا وَ اصبِرُوا عَلي آلِهَتِكُم»[2] و يعين علي الصبر شيئان: