الحارث، و عبد شمس، و ما أشبه ذلک. و قيل: ذلک واحد من هذه الوجوه، و هو أعم.
و قوله: «وعدهم» اي منّهم البقاء و طول الأمل. ثم قال تعالي «وَ ما يَعِدُهُمُ الشَّيطانُ» أَي ليس يعدهم الشيطان «الا غرورا» و نصب علي انه مفعول له [اي ليس يعدهم الشيطان الا لأجل الغرور][1]. ثم قال تعالي «ان عبادي» يعني الّذين يطيعوني و يقرّون بتوحيدي و يصدقون أنبيائي، و يعملون بما أوجبه عليهم، و ينتهون عن معاصيّ «ليس لك» يا إبليس «عليهم» حجة و لا سلطان. قال الجبائي: معناه ان عبادي ليس لك عليهم قدرة، علي ضرّ و نفع اكثر من الوسوسة، و الدعاء الي الفساد، فأمَّا علي كفر أو ضرر، فلا، لأنه خلق ضعيف متخلخل، لا يقدر علي الإضرار بغيره.
ثم قال «وَ كَفي بِرَبِّكَ» اي حسب ربك «وكيلا» اي حافظاً، و من يسند الامر اليه و يستعان به في الأمور.
ثم خاطب تعالي خلقه فقال: «رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم» هو ألذي «يُزجِي لَكُمُ الفُلكَ فِي البَحرِ» قال إبن عباس: معناه يجريها، و به قال قتادة، و إبن زيد يقال: أزجي يزجي ازجاء إذا ساق الشيء حالًا بعد حال «لِتَبتَغُوا مِن فَضلِهِ» اي لتطلبوا فضل اللّه في ركوب البحر من الأرياح و غيرها «إِنَّهُ كانَ بِكُم رَحِيماً» اي منعماً عليكم راحم لكم، يسهل لكم طرق ما تنتفعون بسلوكه ديناً و دنيا.
وَ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي البَحرِ ضَلَّ مَن تَدعُونَ إِلاّ إِيّاهُ فَلَمّا نَجّاكُم إِلَي البَرِّ أَعرَضتُم وَ كانَ الإِنسانُ كَفُوراً (67) أَ فَأَمِنتُم أَن يَخسِفَ بِكُم جانِبَ البَرِّ أَو يُرسِلَ عَلَيكُم حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُم وَكِيلاً (68) أَم أَمِنتُم أَن يُعِيدَكُم فِيهِ تارَةً أُخري فَيُرسِلَ عَلَيكُم قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغرِقَكُم بِما كَفَرتُم ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُم عَلَينا بِهِ تَبِيعاً (69)