أحدهما‌-‌ أنهم‌ قالوا ‌ذلک‌ ‌علي‌ وجه‌ الاستهزاء‌-‌ ‌في‌ قول‌ الحسن‌ و ‌إبن‌ جريج‌ و ‌إبن‌ زيد. و الآخر‌-‌ أنهم‌ أرادوا «لَأَنت‌َ الحَلِيم‌ُ الرَّشِيدُ» عند قومك‌، ‌فلا‌ يليق‌ ‌هذا‌ الأمر بك‌، و ‌قال‌ المؤرج‌ «الحَلِيم‌ُ الرَّشِيدُ» معناه‌ الأحمق‌ السفيه‌، بلغة هذيل‌، و الحليم‌ ‌ألذي‌ ‌لا‌ يعاجل‌ مستحق‌ العقوبة بها، و الرشيد المرشد.

‌قال‌ الزجاج‌ «أَو أَن‌ نَفعَل‌َ» موضع‌ (‌أن‌) نصب‌ و المعني‌ ‌او‌ تأمرك‌ ‌ان‌ نترك‌ ‌او‌ ‌ان‌ نفعل‌ ‌في‌ أموالنا ‌ما نشاء، و المعني‌ إنا ‌قد‌ تراضينا بالبخس‌ فيما بيننا. و ‌قال‌ الفراء: معناه‌ أ تأمرك‌ ‌ان‌ نترك‌ ‌ان‌ نفعل‌ ‌في‌ أموالنا ‌ما نشاء، ف (‌ان‌) مردودة ‌علي‌ نترك‌. و وجه‌ آخر، و ‌هو‌ ‌ان‌ يجعل‌ الأمر كالنهي‌، كأنه‌ ‌قال‌ أ صلاتك‌ تأمرك‌ بذا ‌أو‌ تنهانا ‌عن‌ ذا، فهي‌ حينئذ مردودة ‌علي‌ (‌ان‌) الاولي‌ و ‌لا‌ إضمار ‌فيه‌، كأنك‌ قلت‌ تنهانا ‌ان‌ نفعل‌ ‌في‌ أموالنا ‌ما نشاء، ‌کما‌ تقول‌ أضربك‌ ‌ان‌ تسي‌ء كأنه‌ ‌قال‌ أنهاك‌ بالضرب‌ ‌عن‌ الاساءة. و يقرأ «أَن‌ نَفعَل‌َ فِي‌ أَموالِنا ما نَشؤُا». و ‌ألذي‌ نقوله‌ ‌ان‌ ‌قوله‌ «‌ان‌ نفعل‌» ليس‌ بمعطوف‌ ‌علي‌ (‌ان‌) الاولي‌، و انما ‌هو‌ معطوف‌ ‌علي‌ (‌ما) و تقديره‌ فعل‌ ‌ما نشاء ‌في‌ أموالنا، و ليس‌ المعني‌ أ صلاتك‌ تأمرك‌ ‌ان‌ نفعل‌ ‌في‌ أموالنا ‌ما نشاء، لأنه‌ ليس‌ بذلك‌ أمرهم‌.

و «الرشيد» معناه‌ رشيد الأمر، ‌في‌ أمره‌ إياهم‌ ‌ان‌ يتركوا عبادة الأوثان‌.

و ‌قيل‌ ‌ان‌ قوم‌ شعيب‌ عذبوا ‌في‌ قطع‌ الدراهم‌ و كسرها و حذفها.

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ هود (11): آية 88]

قال‌َ يا قَوم‌ِ أَ رَأَيتُم‌ إِن‌ كُنت‌ُ عَلي‌ بَيِّنَةٍ مِن‌ رَبِّي‌ وَ رَزَقَنِي‌ مِنه‌ُ رِزقاً حَسَناً وَ ما أُرِيدُ أَن‌ أُخالِفَكُم‌ إِلي‌ ما أَنهاكُم‌ عَنه‌ُ إِن‌ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصلاح‌َ مَا استَطَعت‌ُ وَ ما تَوفِيقِي‌ إِلاّ بِاللّه‌ِ عَلَيه‌ِ تَوَكَّلت‌ُ وَ إِلَيه‌ِ أُنِيب‌ُ (88)

آية بلا خلاف‌.