و قوله «انظر» أمر للنبي صلّي اللّه عليه و سلّم بأن ينظر «كَيفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمثالَ» أي كيف ضرب هؤلاء المشركون له المثل بالمسحور و غير ذلک، فجاروا بذلك عن طريق الحق، فلا يسهل عليهم و لا يخف الرجوع اليه و لا اتباع سبيل الدين، و يحتمل أن يکون المعني إنهم لا يقدرون علي تكذيبك، و إن ما ذكروه فيك من قولهم مسحور و كذاب صرفهم و لا يستطيعون علي ذلک.
وَ قالُوا أَ إِذا كُنّا عِظاماً وَ رُفاتاً أَ إِنّا لَمَبعُوثُونَ خَلقاً جَدِيداً (49) قُل كُونُوا حِجارَةً أَو حَدِيداً (50) أَو خَلقاً مِمّا يَكبُرُ فِي صُدُورِكُم فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُم أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنغِضُونَ إِلَيكَ رُؤُسَهُم وَ يَقُولُونَ مَتي هُوَ قُل عَسي أَن يَكُونَ قَرِيباً (51)
ثلاث آيات بلا خلاف.
حكي اللّه تعالي عن هؤلاء الكفار الّذين أنكروا البعث، و النشور، و الثواب و العقاب: أنهم يقولون «أَ إِذا كُنّا عِظاماً» أي إذا متنا و انتثرت لحومنا و بقينا «عِظاماً وَ رُفاتاً» قال مجاهد: الرفات التراب. و به قال الفراء و قال: لا واحد له من لفظه، و هو بمنزلة الدقاق، و الحطام، قال المبرد: کل شيء مدقوق مبالغ في دقه حتي انسحق، فهو رفات، يقال: رفت رفتاً، فهو مرفوت إذا صيّر كالحطام.
و (إذا) في موضع نصب بفعل يدل عليه «لمبعوثون» و تقديره أ نبعث «إِذا كُنّا عِظاماً. وَ رُفاتاً أَ إِنّا لَمَبعُوثُونَ خَلقاً جَدِيداً» و صورته صورة الاستفهام و إنما هم منكرون لذلك متعجبون منه و کل ما تحطم و ترضض يجيء أكثره علي (فعال) مثل (حطام، و رضاض و دقاق و غبار و تراب) و الخلق الجديد: هو المجدد أي يبعثهم اللّه أحياء بعد أن كانوا أمواتاً، أنكروا ذلک و تعجبوا منه، فقال اللّه لنبيه صلّي اللّه عليه و سلّم «قل» لهم «كُونُوا حِجارَةً أَو حَدِيداً» أي لو كنتم حجارة أو حديداً