responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي    جلد : 6  صفحه : 440

يدعوهم‌ ‌إلي‌ أفعالهم‌ الحسنة ‌الّتي‌ لها مدخل‌ ‌في‌ استحقاق‌ المدح‌ و الثواب‌ عليها، لأن‌ القبائح‌ يزجر عنها، و ‌لا‌ يدعو اليها، و المباح‌ ‌لا‌ يدعو ‌إلي‌ فعله‌، لأنه‌ عبث‌، و إنما يدعو ‌إلي‌ ‌ما ‌هو‌ واجب‌ ‌أو‌ ندب‌، لأنه‌ يستحق‌ بفعله‌ المدح‌ و الثواب‌، و الحكمة ‌هي‌ المعرفة بمراتب‌ الافعال‌ ‌في‌ الحسن‌ و القبح‌ و الصلاح‌ و الفساد. و ‌قيل‌ لها: حكمة، لأنها بمنزلة المانع‌ ‌من‌ الفساد، و ‌ما ‌لا‌ ينبغي‌ ‌أن‌ يختار، و الأصل‌ المنع‌ ‌کما‌ ‌قال‌ جرير:

أبني‌ حنيفة أحكموا سفهاءكم‌        إني‌ أخاف‌ عليكم‌ ‌أن‌ أغضبا[1]

‌ أي ‌ امنعوهم‌ ‌من‌ السفه‌، و الفرق‌ ‌بين‌ الحكمة و العقل‌: ‌أن‌ العاقل‌ ‌هو‌ العاقد ‌علي‌ ‌ما يمنع‌ ‌من‌ الفساد، و الحكيم‌ ‌هو‌ العارف‌ ‌بما‌ يمنع‌ ‌من‌ الفساد، و الحكمة مشتركة ‌بين‌ المعرفة و ‌بين‌ العقل‌ المستقيم‌، لان‌ ‌کل‌ واحد منهما ممتنع‌ ‌من‌ الفساد عارٍ ‌منه‌.

و القديم‌ ‌تعالي‌ ‌لم‌ يزل‌ حكيماً بمعني‌ ‌لم‌ يزل‌ عالماً، و ‌لا‌ يجوز ‌لم‌ يزل‌ حكيما فيما يستحق‌ لأجل‌ الفعل‌ المستقيم‌، و ‌کل‌ حكمة ‌يکون‌ بتركها مضيعاً لحق‌ النعمة يجب‌ ‌علي‌ المكلف‌ طلبها. معرفة كانت‌ ‌أو‌ فعلا. و الموعظة الحسنة. معناه‌ الوعظ الحسن‌ و ‌هو‌ الصرف‌ ‌عن‌ القبيح‌ ‌علي‌ وجه‌ الترغيب‌ ‌في‌ تركه‌ و التزهيد ‌في‌ فعله‌. و ‌في‌ ‌ذلک‌ تليين‌ القلوب‌ ‌بما‌ يوجب‌ الخشوع‌. و ‌قيل‌: ‌ان‌ الحكمة النبوة. و الموعظة القرآن‌ «وَ جادِلهُم‌ بِالَّتِي‌ هِي‌َ أَحسَن‌ُ» فالجدال‌ فتل‌ الخصم‌ ‌عن‌ مذهبه‌ بطريق‌ الحجاج‌ «بِالَّتِي‌ هِي‌َ أَحسَن‌ُ» و ‌فيه‌ الرفق‌ و الوقار و السكينة ‌مع‌ نصرة الحق‌ بالحجة. ‌ثم‌ أخبر «‌ان‌ ربك‌» ‌ يا ‌ ‌محمّد‌ «أَعلَم‌ُ بِمَن‌ ضَل‌َّ عَن‌ سَبِيلِه‌ِ» بأن‌ عدل‌ عنها و «أعلم‌» ‌من‌ غيره‌ بمن‌ اهتدي‌ اليها و ليس‌ عليك‌ ‌غير‌ الدعاء.

و ‌قوله‌ «وَ إِن‌ عاقَبتُم‌ فَعاقِبُوا» ‌قيل‌: ‌في‌ سبب‌ نزول‌ ‌هذه‌ ‌الآية‌ قولان‌:

أحدهما‌-‌ ‌ان‌ المشركين‌ ‌لما‌ مثَّلوا بقتلي‌ أُحُد. ‌قال‌ المسلمون‌: متي‌ أظهرنا اللّه‌ ‌عليهم‌ لنمثلن‌ بهم‌ أعظم‌ مما مثلوا بنا. ذكره‌ الشعبي‌ و قتادة و عطاء.


[1] مر ‌هذا‌ البيت‌ ‌في‌ 1: 142، 2: 188، 4: 496، 5: 512
نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي    جلد : 6  صفحه : 440
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست