أحدها- يقال نعمة و أنعم كشدة و أُشدّ.
الثاني- في جمع النعم کما قالوا أيام طعم و نعم و مثله ودّ و أودّ.
الثالث- نعماء کما جمعوا بأساء و ابؤس و ضراء و أضر، و قالوا أُشد جمع شُدّ قال الشاعر.
و عندي قروض الخير و الشر كله فبؤس لدي بؤسي و نعمي بأنعم
و قوله «فَأَذاقَهَا اللّهُ لِباسَ الجُوعِ» انما سماه لباس الجوع، لأنه يظهر عليهم من الهزال و شحوب اللون و سوء الحال ما هو كاللباس. و قيل انهم شملهم الجوع و الخوف کما شمل اللباس البدن. و قيل ان القحط دام بهم سنين و بلغ بهم الي ان أكلوا القد و الطهن، و هو الوبر يخلط بالدم و القراد، ثم يؤكل، و انما يقال لصاحب الشدة: ذق، لأنه يجده وجدان الذائق في تفقده له، و لأنه يتجدد عليه إدراكه کما يتجدد علي الذائق، و هم مع ذلک خائفون وجلون من النبي صلّي اللّه عليه و سلّم و أصحابه يغيرون علي قوافلهم و تجاراتهم «جزاء بِما كانُوا يَصنَعُونَ» من الكفر و الشرك و تكذيب الرسل، و اجري الخطاب من أول الآية الي هاهنا علي التأنيث إضافة إلي القرية، ثم قال- هاهنا- «بِما كانُوا يَصنَعُونَ» علي المعني أي بما کان أهلها يصنعون. و روي عن أبي عمرو انه قرأ «لباس الجوع و الخوف» بالنصب، كأنه ضمن فعل إرزاقهم الله لباس الجوع، قاذفاً في قلوبهم الخوف، لأن اللّه تعالي لم يبعث النبي بالقحط و الجوع و الخوف، فقد قذف في قلوبهم الرعب من النبي و سراياه.
وَ لَقَد جاءَهُم رَسُولٌ مِنهُم فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ العَذابُ وَ هُم ظالِمُونَ (113) فَكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّباً وَ اشكُرُوا نِعمَتَ اللّهِ إِن كُنتُم إِيّاهُ تَعبُدُونَ (114)