شيئاً و لا يبصر، و لا يعقل، و هو مع ذلک «كَلٌّ عَلي مَولاهُ» أي وليّه «أَينَما يُوَجِّههُ لا يَأتِ بِخَيرٍ، هَل يَستَوِي هُوَ وَ مَن يَأمُرُ بِالعَدلِ» مع كونه «عَلي صِراطٍ مُستَقِيمٍ» و المراد أنهما لا يستويان قط. و الأبكم ألذي يولد أخرس لا يفهم و لا يفهم. و قيل: أنه ضرب المثل للوثن مع إنهما كهم علي عبادته، و هو بهذه الصفة.
و قيل: الأبكم هو ألذي لا يمكنه أن يتكلم. و الكَلّ الثقل: كلَّ عن الأمر يكل كلا إذا ثقل عليه، فلم ينبعث فيه، و كلت السكين كلولا إذا غلظت شفرتها، و کل لسانه إذا لم ينبعث في القول لغلظه و ذهاب حده، فالأصل الغلظ ألذي يمنع من النفوذ في الأمر.
و قوله «وَ هُوَ عَلي صِراطٍ مُستَقِيمٍ» أي هو مع أمره بالعدل، علي طريق من الحق في دعائه إلي العدل فأمره به مستقيم لا يعوّج و لا يزول عنه.
وَ لِلّهِ غَيبُ السَّماواتِ وَ الأَرضِ وَ ما أَمرُ السّاعَةِ إِلاّ كَلَمحِ البَصَرِ أَو هُوَ أَقرَبُ إِنَّ اللّهَ عَلي كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ (77) وَ اللّهُ أَخرَجَكُم مِن بُطُونِ أُمَّهاتِكُم لا تَعلَمُونَ شَيئاً وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمعَ وَ الأَبصارَ وَ الأَفئِدَةَ لَعَلَّكُم تَشكُرُونَ (78)
آيتان بلا خلاف.
أخبر اللّه تعالي أن له غيب السموات و الإرض و معناه أنه المختص بعلم ذلک، و هو ما غاب عن جميع العالمين، مما يصح أن يکون معلوماً، فإنه تعالي يختص بالعلم به و قال الجبائي: و يحتمل أن يکون المعني، و للّه ملك ما غاب مما في السموات و الإرض. ثم قال «وَ ما أَمرُ السّاعَةِ» أي مجيئها و هي يوم القيامة، في السرعة و قرب المجيء «إِلّا كَلَمحِ البَصَرِ أَو هُوَ أَقرَبُ» من ذلک مبالغة في ضرب المثل به في السرعة، و أنه قادر عليه. و دخول «أو» في قوله «أَو هُوَ أَقرَبُ» لأحد أمرين.