أي أعني المتعيبا، و مثل الأول، قول الشاعر:
نبِّئتهم عذّبوا بالنار جارتهم و هل يعذّب إلّا اللّه بالنار[1]
و قوله «بِالبَيِّناتِ وَ الزُّبُرِ» اي بالدلالات الواضحات و الكتب المنزلة. و الزّبر الكتب، واحدها زبور، يقال: زبرت الكتاب أزبره زبراً إذا كتبته. ثم قال «وَ أَنزَلنا إِلَيكَ» يا محمّد «الذكر» يعني القرآن «لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيهِم» فيه من الأحكام و الدلالة علي توحيد اللّه، لكي يتفكروا في ذلک و يعتبروا، و انما قال «وَ ما أَرسَلنا مِن قَبلِكَ إِلّا رِجالًا» مع انه أرسل قبله الملائكة، لأن المعني و ما أرسلنا من قبلك الي الأمم الماضية إلا رجالًا بدلالة الآية، لأنها حجة عليهم في انكار رسول اللّه إلي النّاس من الرجال.
أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَن يَخسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرضَ أَو يَأتِيَهُمُ العَذابُ مِن حَيثُ لا يَشعُرُونَ (45) أَو يَأخُذَهُم فِي تَقَلُّبِهِم فَما هُم بِمُعجِزِينَ (46) أَو يَأخُذَهُم عَلي تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُم لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (47)
ثلاث آيات بلا خلاف.
يقول اللّه تعالي لنبيه صلّي اللّه عليه و سلّم «أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا» بالنبيّ و المؤمنين، و فعلوا السيئات و احتالوا الفعل القبيح، علي وجه الإنكار عليهم، فاللفظ لفظ الاستفهام، و المراد به الإنكار «أَن يَخسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرضَ» من تحتهم عقوبة لهم علي كفرهم او يجيئهم العذاب من جهة، لا يشعرون بها، علي وجه الغفلة «أَو يَأخُذَهُم فِي تَقَلُّبِهِم» و تصرفهم، بأن يهلكهم علي سائر حالاتهم، حتي لا ينفلت منهم أحد،