و قال مجاهد: المراد به العبيد و الإماء و الدواب و الانعام، قال الفراء: العرب لا تكاد تجعل (من) الا في النّاس خاصة، قال: فان کان من الدواب و المماليك حسن حينئذ، قال و قد يجوز ان يجعل (من) في موضع خفض نسقاً علي الكاف و الميم في (لكم) قال المبرّد: الظاهر المخفوض لا يعطف علي المضمر المخفوض نحو مررت بك و زيد إلا ان يضطر شاعر، علي ما مضي ذكره في سورة النساء، و انشد الفرّاء في ذلک:
نعلق في مثل السواري سيوفنا و ما بينها و الكعب غوط نفانف[1]
فرد الكعب علي (بينها) و قال آخر:
هلا سألت بذي الجماجم عنهم و أبا نعيم ذي اللواء المحرق[2]
فرد أبا نعيم علي الهاء في عنهم. قال و يجوز ان يکون في موضع رفع، لان الكلام قد تم، و يکون التقدير علي قوله «لكم فيها» ... «وَ مَن لَستُم لَهُ بِرازِقِينَ».
و قوله «وَ إِن مِن شَيءٍ إِلّا عِندَنا خَزائِنُهُ» فخزائن اللّه مقدوراته، لأنه تعالي يقدر ان يوجد ما شاء من جميع الأجناس، فكأنه قال: و ليس من شيء إلا و اللّه تعالي قادر علي ما کان من جنسه الي ما لا نهاية له.
و قوله «وَ ما نُنَزِّلُهُ إِلّا بِقَدَرٍ مَعلُومٍ» اي لست انزل من ذلک الشيء «إِلّا بِقَدَرٍ مَعلُومٍ» اي ما يصلحهم و ينفعهم دون ما يفسدهم و يضرهم، حسب ما سبق في علمي.
وَ أَرسَلنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنزَلنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسقَيناكُمُوهُ وَ ما أَنتُم لَهُ بِخازِنِينَ (22) وَ إِنّا لَنَحنُ نُحيِي وَ نُمِيتُ وَ نَحنُ الوارِثُونَ (23) وَ لَقَد عَلِمنَا المُستَقدِمِينَ مِنكُم وَ لَقَد عَلِمنَا المُستَأخِرِينَ (24) وَ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحشُرُهُم إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (25)