فكذلك أعمال الكافر لا يقدر منها علي شيء، کما قال في موضع آخر «وَ قَدِمنا إِلي ما عَمِلُوا مِن عَمَلٍ فَجَعَلناهُ هَباءً مَنثُوراً»[1] و قوله «ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ البَعِيدُ» اي من وصفناه فهو ألذي ضل عن الحق و الخير ضلالًا بعيداً.
أَ لَم تَرَ أَنَّ اللّهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الأَرضَ بِالحَقِّ إِن يَشَأ يُذهِبكُم وَ يَأتِ بِخَلقٍ جَدِيدٍ (19) وَ ما ذلِكَ عَلَي اللّهِ بِعَزِيزٍ (20)
آيتان في الكوفي و المدني تمام الأولي «خلق جديد» و آية عند الباقين.
قرأ حمزة و الكسائي «خالق السماوات» علي اسم الفاعل. الباقون «خلق» علي (فعل) ماض. قال ابو علي: من قرأ «خلق» فلان ذلک ماض فأخبر عنه بلفظ الماضي، و من قرأ «خالق» جعله مثل «فاطِرِ السَّماواتِ وَ الأَرضِ»[2] بمعني خالق.
و مثله قوله «فالِقُ الإِصباحِ وَ جَعَلَ اللَّيلَ سَكَناً»[3] لأنهما فُعلا.
يقول اللّه تعالي لنبيه صلّي اللّه عليه و سلّم و يعني به الأمة بدلالة قوله «إِن يَشَأ يُذهِبكُم وَ يَأتِ بِخَلقٍ جَدِيدٍ» ألم تعلم، لان الرؤية تكون بمعني العلم، کما تكون بمعني الإدراك بالبصر و هاهنا لا يمكن ان تكون بمعني الرؤية بالبصر، لان ذلک لا يتعلق بأن اللّه خلق السموات و الإرض، و إنما يعلم ذلک بدليل. و قوله «بالحق» و الحق هو وضع الشيء في موضعه علي ما تقتضيه الحكمة و إذا جري المعني علي ما هو له من الأشياء فهو حق، و إذا اجري علي ما ليس هو له من الشيء فذلك باطل. و الخلق فعل الشيء علي تقدير و ترتيب، و الخلق الفاعل علي مقدار ما تدعو الحكم اليه لا يجوز عليه غير ذلک.