و الكفاية وجود الشيء علي قدر الحاجة، فكأنه قيل: قد وجد من الشهادة مقدار ما بنا اليه الحاجة في فصل ما بيننا و بين هؤلاء الكفار. و الباء في قوله «باللّه» زائدة و التقدير كفي اللّه. و قال الرماني: دخلت لتحقيق الاضافة من وجهين: جهة الفاعل، و جهة حرف الاضافة، لان الفعل لما جاز ان يضاف الي غير فاعله، بمعني انه أمر به ازيل هذا الاحتمال بهذا التأكيد، و مثله قوله «لِما خَلَقتُ بِيَدَيَّ»[1].
و الشهادة البينة علي صحة المعني من طريق المشاهدة. و الشهيد و الشاهد واحد، إلا ان في شهيد مبالغة. و وجه الاحتجاج ب «كَفي بِاللّهِ شَهِيداً» لأن المعني كفي اللّه شهيداً بما اظهر من الآية، و أبان من الدلالة، لأنه تعالي لا يشهد بصحة النبوة إلا علي هذه الصفة إذ قد لزمهم ان يعترفوا لها بالصحة.
و روي عن إبن عباس و مجاهد انهما قرءا «و من عنده علم» بكسر الميم، و علم الكتاب علي ما لم يسم فاعله، و به قرأ سعيد بن جبير، و لما قيل له: هو عبد اللّه بن سلامه، قال: كيف يجوز ذلک و السورة مكية و هو اسلم بعد الهجرة بمدة.