و من قرأ علي لفظ الجمع، فلأن التهديد متوجّه الي جميع الكفار، و لا إشكال فيه.
اخبر اللّه تعالي أن الكفار الّذين كانوا قبل هؤلاء الكفار، مكروا بالمؤمنين و احتالوا في كفرهم. و المكر هو الفتل عن البغية بطريق الحيلة، تقول مكر يمكر فهو ماكر مكراً، و قال أبو علي: المكر ضرر ينزل بصاحبه من حيث لا يشعر به.
ثم اخبر تعالي ان له المكر جميعاً، و معناه للّه جزاء مكرهم، لأنهم لما مكروا بالمؤمنين بين اللّه أن و بال مكرهم عليهم بمجازاة اللّه لهم.
و قوله تعالي: «يَعلَمُ ما تَكسِبُ كُلُّ نَفسٍ» معناه أنه لا يخفي عليه ما يكسبه الإنسان من خير و شر و غير ذلک، لأنه عالم بجميع المعلومات «وَ سَيَعلَمُ الكُفّارُ لِمَن عُقبَي الدّارِ» تهديد للكفار بأنهم سوف يعلمون لمن تكون عاقبة الجنة للمطيعين أو العاصين، فإن اللّه تعالي وعد بذلك المؤمنين دون الكفار و الظالمين.
وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَستَ مُرسَلاً قُل كَفي بِاللّهِ شَهِيداً بَينِي وَ بَينَكُم وَ مَن عِندَهُ عِلمُ الكِتابِ (43)
آية بلا خلاف.
حكي اللّه تعالي عن الكفار انهم يقولون لك يا محمّد انك لست مرسلًا من جهته تعالي، فقل لهم انت حسبي اللّه «شَهِيداً بَينِي وَ بَينَكُم، وَ مَن عِندَهُ عِلمُ الكِتابِ». و قيل في معناه ثلاثة اقوال:
أحدها- روي عن إبن عباس انه قال: هم اهل الكتاب الّذين آمنوا من اليهود و النصاري.
و قال قتادة و مجاهد: منهم عبد اللّه بن سلام، و سلمان الفارسي، و تميم الداري.
و قال الحسن: ألذي عنده علم الكتاب هو اللّه تعالي، و به قال الزجاج.