حبس النفس عما تنازع اليه مما لا يجوز من الفعل و هو تجرع مرارة تمنع النفس مما تحب من الامر.
و معني قوله «ابتِغاءَ وَجهِ رَبِّهِم» اي يفعلون ذلک طلب عظمة ربهم.
و العرب تقول ذلک في تعظيم الشيء يقولون: هذا وجه الرأي، و هذا نفس الرأي المعظم، فكذلك سبيل وجه ربهم اي نفسه المعظم بما لا شيء أعظم منه، و لا شيء يساويه في العظم. و المعني ابتغاء ثواب ربهم.
و قوله «وَ أَقامُوا الصَّلاةَ» يعني أقاموها بحدودها. و قيل: معناه داوموا علي فعلها و «أَنفَقُوا مِمّا رَزَقناهُم سِرًّا وَ عَلانِيَةً» اي ظاهراً و باطناً، ما يجب عليهم من الزكاة، و ما ندبوا اليه من الصدقات. و السر إِخفاء المعني في النفس، و منه السرور، لأنه لذة تحصل في النفس، و منه السرير، لأنه مجلس سرور.
و قوله «وَ يَدرَؤُنَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ» معناه يدفعون بفعل الطاعة المعاصي، يقال: درأته ادرؤه درءاً إِذا دفعته. و قال إبن زيد: الصبر علي وجهين:
أحدهما- الصبر للّه علي ما أحب. و الآخر- الصبر علي ما كره، کما قال «سَلامٌ عَلَيكُم بِما صَبَرتُم فَنِعمَ عُقبَي الدّارِ» و قيل و يدرؤن سفه الجهال بما فيهم من الحلوم.
و قيل: انهم يدفعون ظلم الغير عن نفوسهم بالرفق و المواعظ الحسنة. ثم قال تعالي مخبرا ان هؤلاء الّذين وصفهم بهذه الصفات «لَهُم عُقبَي الدّارِ» اي عاقبة الدار، و هي الجنة الّتي وعد اللّه الصابرين بها.
جَنّاتُ عَدنٍ يَدخُلُونَها وَ مَن صَلَحَ مِن آبائِهِم وَ أَزواجِهِم وَ ذُرِّيّاتِهِم وَ المَلائِكَةُ يَدخُلُونَ عَلَيهِم مِن كُلِّ بابٍ (23) سَلامٌ عَلَيكُم بِما صَبَرتُم فَنِعمَ عُقبَي الدّارِ (24)
آيتان في الكوفي و البصري. و آية في الباقي تمام الاولي في الكوفي و البصري. «مِن كُلِّ بابٍ»