لا يمتنع لان ذكر الرسل يدل علي المرسل اليهم و قد قال الشاعر:
امنك البرق ارقبه فهاجا فبتّ أخاله دهماً خلاجا[1]
اي بتّ إخال الرعد صوت دهم، فأضمر الرعد و لم يجر له ذكر لدلالة البرق عليه. و ان قلت قد جري لهم ذكر في قوله «أَ فَلَم يَسِيرُوا فِي الأَرضِ فَيَنظُرُوا» فيكون الضمير للذين من قبلهم من مكذبي الرسل کان جيداً، ذكره ابو علي.
و من قرأ «فننجي» بنونين، فعلي انه حكاية حال، لان القصة كانت فيما مضي، فإنما حكي فعل الحال علي ما كانت، کما قال «وَ إِنَّ رَبَّكَ لَيَحكُمُ بَينَهُم»[2] حكاية الحال الكائنة، و مثله «وَ كَلبُهُم باسِطٌ ذِراعَيهِ»[3] فلو لم يكن علي الحال لم يعمل اسم الفاعل، لأنه إذا مضي اختص، و صار معهوداً، فخرج بذلك من شبه الفعل. و اما النون الثانية من (ننجي) فهي مخفاة مع الجيم، و كذلك النون مع جميع حروف الفم، لا تكون الا مخفاة، قال ابو عثمان المازني و تبيينها معها لحن. قال و للنون مع الحروف ثلاثة احوال: الإدغام، و الإخفاء، و البيان، فهي تدغم مع ما يقارنها کما تدغم سائر المتقارنة. و الإخفاء فيها مع حروف الفم الّتي لا تقارنها و البيان منها مع حروف الحلق، و حذف النون الثانية من الخط يشبه ان يکون لكراهة اجتماع المثلين فيه. و من ذهب الي ان الثانية مدغمة في الجيم، فقد غلط، لأنها ليست بمثل للجيم، و لا مقارنة له. و وجه قراءة عاصم انه اتي به علي لفظ الماضي، لان القصة ماضية. و ما رواه هبيرة عن عاصم بنونين، و فتح الياء، فهو غلط من الراوي، کما قال إبن مجاهد، و روي نصر بن علي عن أبيه عن أبي عمرو «فنجي» بنون واحدة ساكنة الياء خفيفة الجيم، فهذا غلط، لأنا قد بيّنا انّ النون، لا تدغم في الجيم، لما بيناه.