هذا خطاب لهؤلاء الكفار الّذين ذكرهم بأنهم لا يؤمنون إلا و هم مشركون، و توبيخ لهم و تعنيف، و ان کان متوجهاً الي غيرهم، فهم المعنون به، يقول:
أ فأمن هؤلاء الكفار أن تجيأهم غاشية من عذاب، و هو ما يتغشاهم من عذابه.
و الغاشية ما يتجلل الشيء بانبساطها عليه، يقال: غشيه يغشاه، فهو غاش، و هي غاشية أو: تجيأهم القيامة بغتة أي فجأة. و البغتة و الفجأة و الغفلة نظائر، و هي مجيء الشيء من غير تقدمة. قال يزيد بن مقسم الثقفي:
و لكنهم باتوا و لم أدر بغتة و أفظع شيء حين يفجؤك البغت[1]
و الساعة مقدار من الزمان معروف، و سمي به القيامة لتعجيل أمرها، كتعجيل الساعة.
و قوله «وَ هُم لا يَشعُرُونَ» معناه لا يعلمون بمجيئه، فلذلك کان بغتة. و الشعور إِدراك الشيء بما يلطف، كدقة الشعر يقال: شعر به يشعر شعوراً و أشعره بالأمر اشعاراً، و منه اشتقاق الشاعر لدقة فكره.