سرق‌! فأجابهم‌ اهل‌ العير، و قالوا ‌من‌ أدرك‌ عنده‌ الصواع‌، و وجد ‌في‌ رحله‌ جزاؤه‌ أخذ ‌من‌ وجد ‌في‌ رحله‌ رقّاً، فهو جزاؤه‌ عندنا كجزائه‌ عندكم‌ لأنه‌ ‌کان‌ ‌من‌ عادتهم‌ ‌ان‌ يسترّقوا السارق‌-‌ ‌في‌ قول‌ الحسن‌، و معمر، و السدي‌، و ‌إبن‌ إسحاق‌-‌ و ‌فيه‌ تقديران‌ ‌في‌ الاعراب‌:

أحدهما‌-‌ جزاؤه‌ استرقاق‌ ‌من‌ وجد ‌في‌ رحله‌، فهذا الجزاء جزاؤه‌، ‌کما‌ تقول‌ جزاء السارق‌ القطع‌، فهو جزاؤه‌ لتمكين‌ البيان‌ الأخير.

الثاني‌-‌ جزاؤه‌ ‌من‌ وجد ‌في‌ رحله‌، فالسارق‌ جزاؤه‌، فيكون‌ مبتدأ ثانياً، و الفاء جواب‌ الجزاء، و الجملة خبر (‌من‌) و (‌من‌) هاهنا يحتمل‌ وجهين‌:

أحدهما‌-‌ ‌ان‌ ‌يکون‌ بمعني‌ ‌ألذي‌، و تقديره‌ جزاؤه‌ ‌ألذي‌ وجد ‌في‌ رحله‌ مسترقاً.

و الآخر‌-‌ معني‌ الشرط، كأنه‌ ‌قال‌ جزاء السرّاق‌ ‌إن‌ وجد ‌في‌ رحل‌ إنسان‌ منا، فالموجود ‌في‌ رحله‌ جزاؤه‌ استرقاقاً. و ‌قوله‌ «كَذلِك‌َ نَجزِي‌ الظّالِمِين‌َ» اخبار منهم‌ بأن‌ ‌ذلک‌ عادتهم‌ ‌في‌ مجازاة ‌کل‌ ظالم‌.

و ‌قد‌ ‌قيل‌ ‌في‌ تأويل‌ ‌الآية‌ وجهان‌:

أحدهما‌-‌ ‌ان‌ يكونوا ‌في‌ ‌ذلک‌ ‌علي‌ شرع‌ لنبي‌ ‌من‌ أنبياء اللّه‌.

و الآخر‌-‌ ‌ان‌ ‌يکون‌ ‌ذلک‌ ‌علي‌ عادة الملوك‌ ‌في‌ اهل‌ الجنايات‌ لمصالح‌ العباد ‌لا‌ ‌علي‌ حقيقة الجزاء ‌ألذي‌ يعمل‌ بأمر اللّه‌ بدلالة ‌قوله‌ فيما ‌بعد‌ «ما كان‌َ لِيَأخُذَ أَخاه‌ُ فِي‌ دِين‌ِ المَلِك‌ِ» فأضاف‌ الجزاء ‌الي‌ دين‌ الملك‌ دون‌ اللّه‌.

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ يوسف‌ (12): آية 76]

فَبَدَأَ بِأَوعِيَتِهِم‌ قَبل‌َ وِعاءِ أَخِيه‌ِ ثُم‌َّ استَخرَجَها مِن‌ وِعاءِ أَخِيه‌ِ كَذلِك‌َ كِدنا لِيُوسُف‌َ ما كان‌َ لِيَأخُذَ أَخاه‌ُ فِي‌ دِين‌ِ المَلِك‌ِ إِلاّ أَن‌ يَشاءَ اللّه‌ُ نَرفَع‌ُ دَرَجات‌ٍ مَن‌ نَشاءُ وَ فَوق‌َ كُل‌ِّ ذِي‌ عِلم‌ٍ عَلِيم‌ٌ (76)