وَ لَمّا جَهَّزَهُم بِجَهازِهِم قالَ ائتُونِي بِأَخٍ لَكُم مِن أَبِيكُم أَ لا تَرَونَ أَنِّي أُوفِي الكَيلَ وَ أَنَا خَيرُ المُنزِلِينَ (59)
آية بلا خلاف.
اخبر اللّه تعالي في هذه الآية ان يوسف لما أمر بتجهيز اخوته فجهزهم، و الجهاز فاخر المتاع ألذي يحمل من بلد الي بلد، و منه قولهم: فلان يجهز، و منه جهاز المرأة، قال لهم جيئوني «بِأَخٍ لَكُم مِن أَبِيكُم» و انما قال ذلک، لأنه کان أخا يوسف لأبيه و امه، و هو إبن يامين- في قول قتادة و غيره- و کان أخاهم لأبيهم خاصة.
و قوله «أَ لا تَرَونَ أَنِّي أُوفِي الكَيلَ» خطاب من يوسف لإخوته، فقال أ ليس قد عرفتم عدلي و إيفائي الكيل من غير بخس له. و الوفاء تمام الامر علي ما يوجبه الحق، و يکون ذلک في الكيل، و في الوزن، و في الذرع، و في العدّ، و في العقد.
و (الكيل) مصدر كال يكيل، و هو فصل المكيال بملئه. و (المكيال) مقدار يفصل عليه ما يطرح فيه.
و قوله «وَ أَنَا خَيرُ المُنزِلِينَ» فيه قولان: أحدهما- قال مجاهد: خير المضيفين.
و الثاني- خير المنزلين في سعر الطعام. و (المنزل) واضع الشيء في منزلته، و قد يکون للشيء منزلتان، إحداهما اولي من الاخري، فمن وضعها في الاولي فهو خير المنزلين كسعر الطعام ألذي يضعه في اولي منزلتيه.
فَإِن لَم تَأتُونِي بِهِ فَلا كَيلَ لَكُم عِندِي وَ لا تَقرَبُونِ (60)